نعم الدلالة على ما زاد عليه من الشروط والقيود اللاحقة به يستند إليهما باعتبار الهيئة حتى الصدور أو الوقوع في الأول، بناء على ما يساعد عليه النظر من وضع هيئات المصدر للدلالة على أحد هذين الأمرين المأخوذ قيدا لماهية الحدث، وهو المراد بالنسبة الإجمالية المتقدم ذكرها، كما وقع التفسير به في كلام بعضهم من حيث إنه لم يؤخذ معه في لحاظ الوضع ما يوجب حصول معرفته على التفصيل بل اعتبر عدمه، ولذا كان استعماله فيما دخل فيه الذات كمعنى اسمي الفاعل والمفعول في مثل " زيد عدل " و " خلق الله " مجازا.
ومن هنا يعلم أن قيد بشرط لا في مدلول المصدر من مقتضيات وضعه الهيئي لا المادي، لينافي ما تقدم من القاعدة المقتضية لكون المبدأ لابد وأن يعتبر بلا شرط لفظا ومعنى.
فإذا تبين هذا كله، فاعلم: أنه عن جماعة من أهل المعقول إنهم زعموا أن الفرق بين المشتق ومبدئه، هو الفرق بين الشئ لا بشرط وبينه بشرط لا، فحدث الضرب إن اعتبر بشرط لا كان مدلولا للفظ " الضرب " وامتنع حمله على الذات الموصوفة به وإن اعتبر لا بشرط كان مدلولا للفظ " الضارب " وصح حمله عليها.
وعلى هذا القياس فجعلوا الفرق بين العرض والعرضي، كالفرق بين الهيولي والجنس، وبين الصورة والفصل، وهذا الكلام وإن كان مبناه على أخذ المصدر مبدأ - تبعا لما اشتهر عن أهل العربية، وهو على ما قررناه خلاف التحقيق - لكن مفاده من حيث تضمنه لإبداء الفرق بين المصدر والمشتق باعتبار المعنى بعدم صحة الحمل في الأول وصحته في الثاني حق لا سترة عليه، فإن محصله: أخذ المصدر باعتبار مدلوله من باب العرض والمشتق باعتبار مدلوله من باب الأمر العرضي، تنظيرا لهما في الحكم من حيث صحة الحمل وعدمها بالهيولي والجنس، والصورة والفصل، من حيث عدم صحة الحمل في الهيولي والصورة، المأخوذ كل منهما جزءا للماهية المركبة من حيث إنها جسم منهما باعتبار لحاظ الخارج على ما هو ضابط المركبات الخارجية بأجمعها، من عدم صحة الحمل في أجزائها