وأما الثاني: فلأن ثبوت التجوز في لفظ بقرينة وإن شاع لا يوجب التجوز فيه عند تجردة عن القرينة.
وأما الثالث: فلمنع الدور، فإن العلم بكون لفظ " الصلاة " وغيرها اسما للصحيحة وإن كان متوقفا على حمل كلمة " لا " على نفي الحقيقة، إلا أنه لا يتوقف على العلم المذكور، بل يتوقف على العلم بوضع هذه الكلمة لنفي الحقيقة، وهو غير متوقف على العلم بكون الصلاة اسما للصحيحة بالضرورة، فلا دور، إلا أن يرجع توهم لزومه إلى ما قررناه في منع جريان أصالة الحقيقة، بأن يقال: إن العلم بالوضع للصحيحة موقوف على أصالة الحقيقة في كلمة " لا " وهي موقوفة على العلم بوجود مقتضيها وهو الوضع، وفقد مانعها وهو الإجمال، والعلم بفقد المانع موقوف على العلم بالوضع للصحيحة، وهذا دور واضح.
وأما الرابع: فلشيوع التخصيص وكونه خيرا من المجاز، مع كون لزومه مشترك الورود على تقدير الحمل على نفي الصحة كما لا يخفى، والحمل على نفي الكمال خلاف الإجماع، فإنها بعد صرفها عن نفي الماهية لا محمل لها إلا نفي الصحة.
ومنها: قضاء الوجدان بذلك، فإنا إذا راجعنا وجداننا بعد تتبع أوضاع المركبات الخارجية - عرفية وغيرها - وفرضنا أنفسنا واضعين للفظ لمعنى مخترع مركب، نجد من أنفسنا حين الوضع عدم التخطي عن الوضع للمركب التام الأجزاء والشرائط، مضافا إلى أنه الذي كونه الموضوع له مما يقتضي حكمة الوضع، وهي مسيس الحاجة إلى التعبير عنه، والحكم عليه بما هو من لوازمه وآثاره.
وأما استعماله في الناقص فلا نجده إلا مسامحة، تنزيلا للمعدوم أو الفاقد منزلة الموجود أو الواجد.
وجوابه: تكذيب هذا الوجدان بإطلاقه، ومحصله: إنا نجد من أنفسنا بعد المراجعة والتتبع أن الواضع قد يتعلق غرضه بأن لا يطلق اللفظ إلا على المركب التام من حيث هو دون ما يغايره من زائد عليه أو ناقص منه، وقد يتعلق غرضه