إما بالوضع، فقضية الحكمة والعادة حينئذ أن يكون الوضع بإزاء تلك الماهيات المطلوبة لا الأعم منها، لئلا يحتل فهم المراد في الموارد التي هي أهم موارد استعمالاتها، مع ما فيه من الاقتصار على قدر الحاجة.
وإما بالتجوز، فلا يكون المستعمل فيه في أكثر الموارد - كموارد الأمر والبيان في ذكر الشرائط والأحكام ونحو ذلك - إلا تلك الماهيات المطلوبة لا الأعم منها، لعدم تعلق الطلب حقيقة إلا بها، وعدم تعلق القصد ببيان غيرها، وعدم كون الشرائط والأحكام ثابتة لغيرها، وظاهر إن هذه الموارد هي معظم موارد استعمال هذه الألفاظ حتى إنه يندر استعمالها في غيرها، فتصير تلك الألفاظ حقائق في تلك الماهيات بالغلبة وهو المطلوب.
وجوابه: يظهر بالتأمل فيما مر، وتوضيحه: أن المستدل إما أن يعترف باختلاف وظائف المكلفين بالزيادة والنقصان، وتبادل الأجزاء بعضها ببعض، بسبب اختلاف أحوالهم، أو لا.
والثاني مما لا يستحق الجواب، وعلى الأول: فإما أن يعترف بكون وظيفة كل مكلف صحيحة بالقياس إليه وفاسدة بالقياس إلى غيره، أو لا.
والثاني أيضا مما لا يستحق الجواب، وعلى الأول: فإما أن يعترف بشمول الوضع الشرعي أو الاستعمال المجازي المتأدي إلى الوضع بالغلبة لوظيفة كل مكلف، أو لا.
والثاني: ما مر جوابه، مضافا إلى ما يأتي عند الاحتجاج للقول بالأعم، والاعتراف بالأول اعتراف بالأعم، إذ لا يعني من الوضع للأعم - بمعنى القدر المشترك بين الزائد والناقص والصحيح والفاسد - إلا هذا، وتصويره ما تقدم من اعتبار الوضع بحيث يسري إلى كل زائد وناقص، والمفروض أن كلا منهما حال كونه صحيحا بالإضافة إلى مكلف فاسد بالإضافة إلى مكلف آخر، حتى أن المركب التام صحته إنما هي بالإضافة إلى الحاضر وهو بعينه بالإضافة إلى المسافر فاسد، وكيف يعقل اختلاف حاله في شمول الوضع له على الأول وعدم