وأما على الثاني: فلأنه إنما لا يدخل في النزاع إذا أريد بالتسمية والاستعمال ما يدعيه مخالفوه من مثبتي الحقيقة الشرعية ونافوها.
وأما إذا أريد بها ما يعم التسمية التي يسلمها من تقييد المعنى اللغوي المستتبع للتجوز في اللفظ، بدخول الخصوصية في المستعمل فيه - على ما تقدم جوازه على مقالته - فلا مانع من دخوله في النزاع، ولو بإرجاعه بالنسبة إليه إلى تعيين أقرب المجازات إلى المعنى اللغوي المعرى عن جميع القيود، بناء على تعددها بهذا الاعتبار، فإن الخصوصية الداخلة في المستعمل فيه لها باعتبار تكثر القيود اللاحقة بالمعنى اللغوي مراتب متكثرة، فيتكثر من جهتها المجازات، منها ما دخل فيه الخصوصية بجميع مراتبها، ومنها ما دخل فيه الخصوصية ببعض مراتبها بجميع فروضه المتصورة، بعدم انضمام بعض القيود وحدانيا أو ثنائيا أو ثلاثيا وهكذا إلى أن لا ينضم إليه إلا قيد واحد، فيصح أن ينازع حينئذ في أن أقرب المجازات هل هو ما دخل فيه الخصوصية بجميع مراتبها وهو الصحيحة، أو ما دخل فيه الخصوصية في الجملة، ولو ببعض مراتبها.
لكن يدفعه: منع جدوى التوجيه المذكور للاختراع والتسمية، في جريان النزاع على هذه المقالة.
أما على توجيه الاختراع، فلأن المخترع إما أن يعتبر بلحاظ الاختراع فلا يوصف إلا بالصحة، إذ لا معنى لاختراعه إلا تقييده بجميع ما قيد به، ولا صحيح له إلا ما لحقه هذا المقدار من التقييد، فلا يعقل له بهذا الاعتبار فساد، لينظر من جهته في صحته وعمومه باعتبار هذا اللحاظ، أو يعتبر بلحاظات أخر فهو قابل لأن يتصف بكل من الصحة والفساد، وإنما يختلف الحال باعتبار المعتبر، فليس قابلا لأن ينازع في صحته وعمومه، فإنه إن أخذ بجميع تقييداته صحيح، وإن أخذ ببعض تقييداته فاسد.
وأما على توجيه التسمية، فلأن الأقربية التي ينازع في تعيين محلها، إما أن يراد بها ما لحق المعنى المستعمل فيه لنفسه، أو ما لحقه باعتبار الاستعمال، على