المجازات أولى " فاختيار القول بالصحيحة يرجع إلى دعوى: كونها الأقرب، وهو لا ينافي ورود الاستعمال في غيرها أيضا على وجه المجاز، كما أن مرجع القول بالأعم حينئذ إلى دعوى كونه الأقرب، الملازم لمساواة جميع المجازات الثلاث بحسب المرتبة في القرب والبعد.
وإن شئت أخذ العنوان على وجه يفرض في عرف الشارع، ويندرج فيه نفاة الحقيقة الشرعية، ويندفع به شبهات متوهم الاختصاص، فعبر عنه: بأنه إذا وردت هذه الألفاظ في كلام الشارع كتابا أو سنة، مجردة عن القرائن المشخصة للمراد، فهل الأصل فيها الحمل على إرادة الصحيحة من المعاني الشرعية، أو إرادة ما يعمها والفاسدة؟
فالقائل بالصحيحة يدعي كونها مما يقتضي الحمل على إرادته الأصل، والقائل بالأعم يدعي كون الحمل على إرادته ما يقتضيه الأصل، من غير فرق بين القول بثبوت الحقيقة الشرعية والقول بنفيها.
غاية الأمر اختلاف معنى الأصل بحسب اختلاف المذهبين، فعلى القول بالثبوت يراد به أصالة الحقيقة، وعلى القول بالنفي يراد به القاعدة المشار إليها، فإنها أيضا بعد إحراز الصغرى كأصالة الحقيقة من الأصول اللفظية المعمولة في تشخيص المرادات، غير أن أصالة الحقيقة مختصة بموارد الوضع، والقاعدة المذكورة مختصة بموارد التجوز بعد تعذر الحقيقة، وإلى التعبير المذكور أشار بعض الأعلام في جملة كلام له في هذا المقام.
لا يقال: إن الأقربية إذا أريد بها العرفية، لابد وأن تستند إلى غلبة الاستعمال، وهي أيضا كأصل الاستعمال مما لا سبيل إلى إنكاره على القول بالصحيحة، ضرورة تحققها بالنسبة إلى الأعم على وجه لا يكاد ينكر، فإنها على فرض الصحة والتسليم تنهض حجة على القول بالأعم، ولا تنافي جريان النزاع على القولين، كما هو واضح.
وأما ما يتراءى من بعض عبارات بعض الفضلاء في المقام، من لزوم سبك