وأما إذا شك في وجودها وفي محلها على تقدير الوجود، أو علم بوجودها مع الشك في محلها، فالإطلاق على حاله.
أما على الأول: فواضح.
وأما على الثاني: فلأن الأقربية المرددة في نحو المقام لا يوجب إلا حدوث احتمال التقييد بغير ما ساعد الدليل على التقييد به، وهو كما ترى احتمال مانع لا يصلح رافعا لحكم المقتضى.
وتوهم: أن الأقربية على هذا التقدير نظير ما لو ورد مع مطلق ما يتردد بين كونه تقييدا له أو تأكيدا لإطلاقه، فيدور الأمر بين التأكيد والتأسيس، الذي هو أولى من التأكيد - على تقدير تسليم كبراه ثم تسليم صغراه - لا ينافي ما ذكرناه، بل يؤكده لأن هذه القاعدة حينئذ تنهض مرجعا لتعيين الأقرب، وتمييزه عن الأبعد، ولا حاجة معها إلى الخوض في هذه المسألة، والدخول في هذا النزاع.
وبجميع ما ذكر يعلم أنه لا مجال لأحد أن يقول: بأن هذا كله إنما يتم إذا كانت التسمية التي ينكرها الباقلاني ما يعم عرف المتشرعة أيضا، وإلا فعلى تقدير تسليمه التسمية بحسب هذا العرف أمكن له النزاع، لما تقدم من أنه مفروض في عرف المتشرعة، بناء على أنه طريق ينكشف به حال عرف الشارع، وذلك لأن الغرض من الخوض في هذا النزاع إن كان إحراز ما هو من موضوعي أصلي البراءة والاشتغال، فهو بالنسبة إلى خطاب الشرع في غناء عن ذلك، لنهوض الإطلاق بالنسبة إلى هذا الخطاب وجها اجتهاديا رافعا لموضوعي الأصلين، وإن كان إحراز ما هو من موضوع البيان والإجمال، فهو فرع على دوران الألفاظ من ابتداء الأمر بين حالتين تقتضي إحداهما البيان وأخراهما الإجمال، وهي عنده بحسب خطاب الشرع وعرف الشارع مبينات في معانيها اللغوية، لما فيها من الإطلاق السليم عن مزاحمة الغير، حسبما فصلناه.
نعم لو اكتفى في الخوض في المسألة بمجرد الثمرة العملية، أمكن ما ذكر على التقدير المذكور، إلا أنه في نحو المقام بعيد.