هذا الاستعمال، تنزيلا للفاسدة منزلة الصحيحة بنحو من وجوه صحة التنزيل، كتنزيل ما هو المعدوم من الأجزاء أو الشرائط منزلة الموجود منها، كما هو المعهود المشاهد في أنواع المركبات الكمية بحسب العرف والعادة، فليس في ذلك مجاز لفظي آخر، بل إنما هو المجاز الحاصل بالنسبة إلى الصحيحة.
وقد حصل في الفرض المذكور بعد ما عرفته من التصرف العقلي، وهذا في ظاهر النظر بعيد عن ظاهر المحاورة، كما لا يخفى على المتأمل، فالوجه ما ذكرناه.
وربما يتخيل أن دخول النافين في النزاع لا يلائمه ما عليه المحققون من المتأخرين في ثمرة المسألة، من ظهورها في البيان الملازم لصحة التمسك بالإطلاق عند الشك في مدخلية شيء جزءا أم شرطا، والإجمال الملازم لانتفاء الإطلاق.
فإن الإطلاق على المجاز، اللازم على تقدير القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية، مع تصرف الشارع من غير جهة التقييد في المعنى، كأن يكون المعنى اللغوي جزء من المعنى الشرعي أو مبائنا له، مما لا سبيل إلى التمسك به.
ويجعل ذلك فرقا بين مقالة القاضي، الراجعة إلى دعوى التقييد في المعنى اللغوي ولو استلزم مجازا بعلاقة الإطلاق والتقييد، ومقالة غيره من النافين، فإنه على الأول يصح التمسك بالإطلاق مطلقا، والمجاز اللازم من التقييد إن التزم به القاضي لا ينافيه، لما هو المقرر في محله من أنه بمنزلة التخصيص في العام المخصص على القول بمجازيته في الباقي، فلا ينافي ظهوره في الباقي، بل الأمر في التقييد أظهر كما لا يخفى، بخلافه على الثاني، فإن العلاقة على هذا التقدير غير علاقة الإطلاق والتقييد، كعلاقة الجزء أو الكل وغيرها من أنواع العلائق، فلا يبقى للمطلق ظهور بعد القول بالمجازية - على هذا الوجه - حتى يعول عليه عند الشك.
وهذا كما ترى بظاهره مما لا يرجع إلى محصل، إلا أن يراد بالإطلاق المتمسك به ما هو ثابت بالقياس إلى المعنى اللغوي، وهذا الاعتبار ساقط على