وقد عرفت أن كونه من باب الارتجال أحد الاحتمالين الجاريين في المقام.
ويمكن الجواب بمنع كون المعتبر في انتساب اللفظ بالعربية ما قرره المستدل من استناد دلالته على معناه إلى وضع العرب، بل المعتبر كونه مما طرأه وضع من العرب، وإن طرأه وضع آخر من غيرهم، سيما إذا كان أثر الوضع الأول باقيا.
والمفروض أن هذه الألفاظ بحسب الأصل من موضوعات العرب، فتكون عربية بهذا الاعتبار، وطرو الوضع الجديد لها لا يرفع هذا الصدق، ولا يضر بلحوق وصف العربية لها، كما لا يخفى.
وفي كلام غير واحد من الأجلة، منع الملازمة أيضا: بأن ذلك على تقدير كون واضع اللغات هو الله تعالى، يبطله منع اعتبار وضع العرب في لحوق وصف العربية، بل المعتبر حينئذ كونه مما يستعمله العرب ويتداولوه في محاوراتهم.
ولا ريب أن هذه الألفاظ بعدما وضعها الشارع للمعاني الحادثة مما يتداولها العرب في محاوراتهم فتكون عربية، سواء قلنا بكون الشارع الواضع لها لهذه المعاني هو الله تعالى - كسائر الألفاظ على الفرض - أو النبي (صلى الله عليه وآله)، فإن مناط وصف العربية متحقق على كلا التقديرين، بل على تقدير كون واضع اللغات هو البشر وواضع هذه الألفاظ هو النبي لصح اتصافها بالعربية أيضا، إذ لا يشترط في ذلك صدور الوضع من الجميع أو من الصدر الأول، وإلا لخرجت الحقائق العرفية والأعلام الشخصية المتداولة بين العرب عن كونها عربية وهو كما ترى.
والمفروض أن النبي (صلى الله عليه وآله) من العرب بل ورئيسهم، ولعل مبنى الاستدلال على اشتباه العربية بالحقائق اللغوية، أو توهم الترادف بين العربية واللغوية، مع أن كون الواضع من العرب غير معتبر في اللغوية.
وأجيب عن الاستدلال أيضا، تارة: بالنقض بألفاظ معربة واقعة في القرآن، من الهندية والرومية والفارسية " كالمشكاة " و " القسطاس " و " السجيل " وأعلام لم يضعها واضع لغة العرب " كإبراهيم " و " إسماعيل " و " زيد ".
ودفع الأولى بتوهم كونها من مشتركات اللغتين، على حد ما هو الحال في