بل قد عرفت ما ينادي بخلاف ذلك، فالحنث إنما يلزم لتعلق الفعل بما هو مصداق الاسم حقيقة، نظيره لزومه بأكل لقمة في دار عمرو، لو حلف أن لا يأكلن في داره.
وبالجملة: منع الجواب بمنع صدق " القرآن " على البعض خروج عن الإنصاف، بل المنع إن كان ولابد منه فإنما هو بمنع عود الضمير إلى السورة أو الآية، لكونه مما يأباه سائر سياق الآية، للحوقه بذكر الكتاب المقتضي لعوده إليه، مع كونه مرادا به الكل بقرينة إضافة الآيات إليه.
مضافا إلى شهادة قوله تعالى - في سورة أخرى -: ﴿كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون﴾ (١) بذلك، لعدم احتماله إلا أن يراد منه الكتاب الذي هو حال له من باب حال الموطئة، فوصفه بالعربية حينئذ وصف للمجموع به، ويشهد له أيضا ما في سورة ثالثة من قوله تعالى: ﴿إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون﴾ (2) وإرجاع الضمير فيه أيضا إلى السورة أو الآية دون الكتاب المتقدم ذكره بعيد عن السياق جدا.
هذا مع أن هذا التأويل إن صححناه غير مجد في دفع المحذور في شيء من المواضع الثلاث المشار إليها، لاشتمالها على ما هو من الألفاظ المتنازع فيها المدعى ثبوت الحقيقة الشرعية فيها، كالمؤمن والكافر في جميع السور الثلاث، والزكاة والسجود في السورة الثانية، والفسق في الثالثة، ولو قدرت الآية مرادة في جميع المواضع الثلاث لم يكن مجديا أيضا، من حيث اشتمال هذه الآية أيضا على لفظ القرآن الصالح لكونه من المتنازع فيه، كما يظهر الجزم به من بعض الفضلاء.
* * *