وقد عرفت أن العمدة من نفاة الحقيقة الشرعية هو القاضي المنكر لأصل الاستعمال، فلو أخذ العنوان على الوجه المذكور لتدافع دعواه لأصل العنوان كما لا يخفى.
أو يقال: إن موضوع المسألة في النزاع الثاني بعينه موضوعها في النزاع الأول، ومعه لا يعقل أخذ العنوان على الوجه المذكور. فتأمل.
والثاني أيضا مما لا سبيل إليه، أما أولا: فلما يوجد منهم من دعوى الحقيقة الشرعية في ألفاظ مخصوصة ليس معانيها من الماهيات المخترعة.
ومن جملة ذلك صيغ العقود، المدعى في كلام جماعة منهم كونها حقائق شرعية في الإنشاء، الذي ليس من محدثات الشارع.
ومنها ما ذهب إليه بعضهم من كون الأمر الواقع عقيب الحظر حقيقة شرعية في الإباحة، ومنها ما عليه السيد المرتضى في صيغة " إفعل " من كونها لغة مشتركة بين الوجوب والندب، لكنها في عرف الشارع صارت حقيقة شرعية في الوجوب خاصة (1) إلى غير ذلك من المواضع التي يقف عليها البصير.
وأما ثانيا: فلقضائه بعدم إمكان دخول القاضي في النزاع بالتقريب المذكور، نظرا إلى أن إنكار الاستعمال بالمرة يتضمن إنكار الاختراع الشرعي أيضا، كما هو واضح فتعين الثالث، وهو الذي يساعد عليه تعبيرات الأصوليين وعنواناتهم، فإنها لمن يراجعها بين صريحة وبين ظاهرة في ذلك، ولذا قرروا النزاع في بدو زمان حدوث الوضع والنقل، بعد الفراغ عن إثباتهما في عرف المتشرعة والاتفاق عليه.
وإن شئت لاحظ عبارة المصنف وغيره، وإنما يظهر فائدة ما بيناه من الضابط في الموارد المشتبهة، بعد الفراغ عن إثبات الحقيقة الشرعية - ولو في الجملة - من الألفاظ المخصوصة التي ربما وقع الخلاف بين الفقهاء في كتبهم الفقهية في ثبوت