ومنها: إن تلك الألفاظ إنما صارت حقائق في زمان الباقر والصادق (عليهما السلام) دون ما تقدمه من الأزمنة، إذ الأصل بقاء المعنى اللغوي حتى يعلم خلافه، وقد حصل العلم في زمانهما بالاستقراء والجزم بالغلبة والاشتهار فيه، ولأن الظاهر وقوع النزاع في ذلك الزمان أو ما قاربه، فيجب الحكم بمقتضى العلم فيه دون غيره لانتفاء المقتضى، وهذا كما ترى ليس قولا بالتفصيل في الحقيقة الشرعية بل هو راجع إلى النفي المطلق.
غاية الأمر، إنه يفارقه في تضمنه تعيين زمان النقل، فلا معنى لعده من أقوال ثبوت الحقيقة الشرعية.
ومنها: ثبوتها في الألفاظ الكثير الدوران في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وفي غيرها في زمان الصادقين (عليهما السلام)، وهذا كما ترى راجع إلى التفصيل الثاني، إلا في تعيين زمان النقل في غير الكثير الدوران، فلا معنى لأخذه في الطرف المقابل له.
ومنها: ثبوتها في بعض الألفاظ في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وفي الآخر في زمن الحسنين (عليهما السلام) وفي ثالث في زمن الصادقين (عليهما السلام) وهكذا، وبعضها لم يصر حقيقة إلى الآن.
ومنها: إن المنقولات المتداولة على لسان المتشرعة مختلفة في القطع بكل من استعمالها ونقلها بحسب اختلاف الأزمنة اختلافا بينا، حتى أن منها ما يقطع بحصول الأمرين فيه في زمان النبي (صلى الله عليه وآله)، ومنها ما يقطع باستعمال النبي (صلى الله عليه وآله) في المعنى الشرعي لكن لا يعلم صيرورتها حقيقة إلا في زمان انتشار الشرع، وظهور الفقهاء والمتكلمين الباحثين عن الأحكام المتعلقة بتلك الألفاظ.
ومنها: ما لا يقطع فيه باستعمال الشارع، فضلا عن نقله وصيرورته حقيقة في زمانه، ومنها ما لا يقطع فيه بتجدد النقل والاستعمال في زمان الفقهاء.
وإذا كانت الألفاظ مختلفة هذا الاختلاف فكيف يحكم بتحقق النقل فيها في زمان النبي (صلى الله عليه وآله) بل الواجب حينئذ هو التفصيل بينها بحسب العلم بتحقق موجب الوضع وانتفائه، وطريقه التتبع الكاشف عن حصول الغلبة والاشتهار.