استعمالاتها، فلو بنى على إعمال الأصلين لإثبات المقارنة لحكمنا بغلبة ما لا نشك في ندرته، ومرجعه إلى مخالفة العلم الإجمالي المانع عن الاعتبار، فتعين رجحان الوقف.
ومنهم من اعترض على إطلاق الحكم في وضع التعيين أيضا، لجريان احتمال التقدم والتأخر بالنسبة إلى الصدور والوضع فيه أيضا، فلا وجه لتخصيص ما تقدم من التفصيل بوضع التعين، ثم اعتذر عنه بأن الذي يظهر من تتبع أحوال الواضعين أنهم حين التعرض للوضع يقدمونه على الاستعمال حذرا عن اللغو.
وهذا هو وجه الإطلاق وعدم إجراء التفصيل في وضع التعيين، وقد يضاف إليه كونه مما يقضي به ما دل على ثبوت الوضع من باب التعيين في صدر الإسلام، وهو كون الوضع مما يحصل معه الغناء عن تجشم القرائن التي هي في معرض الزوال وعدم الثبات، فثبوته من مقتضى الحكمة الإلهية.
ومنهم من التزم بإجراء التفصيل في وضع التعيين أيضا بزيادة يسيرة فيه، وهو إنه إما أن يعلم كون تحقق الوضع قبل أوائل الاستعمال، أو يعلم كونه بعدها، أو لا يعلم بشيء منهما، والأول حكمه واضح من حيث تعين حمله على المعنى الشرعي، وكذلك على الثاني إن علم بالتاريخين مع تقدم تاريخ الوضع، أو علم تاريخ الوضع مع جهالة تاريخ الصدور بعد الحكم عليه بالتأخر عملا بأصالة التأخر، بخلاف ما لو تقدم تاريخ الصدور، أو كان المعلوم هو الصدور، لوجوب الحمل حينئذ على اللغوي ولو بانضمام الأصل.
وأما مع جهالة التاريخين فكل من تعرض لذلك التفصيل فبناؤه على الوقف لتعارض الأصلين مع تكافؤ الاحتمالين.
ويمكن الذب عن الوقف بأن احتمال تحقق الوضع بعد أواسط الاستعمال أو أواخره بعيد جدا، بخلاف الصدور، فإن احتمال كون تحققه بعد الأواسط أو بعد الأوائل ليس بذلك البعيد، بل ليس إلا كاحتمال كونه بعد الأوائل بل قبلها، فإن الكل محتمل على حد سواء، فيصح الحكم بتأخره إلى ما بعد أواخر