وأما مع انعقاده كما هو مفروض المقام، ومفاد الدليل المقام عليه، فالمتعين متابعته ولو كان حادثا.
وإن أريد به القدح في الدليل فلا يعارضه بعد ملاحظة ثبوت تكلمه بتلك الألفاظ أيضا، لإفادة المعاني الجديدة - ولو مجازا - كما هو مفروض المقام. مسلم على كل تقدير، إذ الكلام إنما هو بعد الفراغ عن دفع شبهة القاضي في إنكار أصل الاستعمال، فالاعتراض بالوجه المذكور في نحو المقام في غاية السقوط.
ويقرب منه في السقوط ما أورد على المختار أو دليله المذكور، بقوله عز من قائل: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) (1).
وفيه: إن لسان القوم لا يتغير بمجرد تغيير التسمية وإثبات المسمى الآخر، كما أ نه لا يتغير بالتجوز على تقدير انتفاء التسمية، خصوصا بعد ملاحظة أن هذه الألفاظ من ألفاظ لغتهم بموادها وهيئاتها وأسلوب المركبات التي هي واقعة فيها.
لا يقال: لعل الدليل المذكور عقيم بالنسبة إلى إنتاج الوضع للألفاظ المتنازع فيها، إذ غاية ما يفيده ثبوت تسمية بإزاء المعاني الشرعية، وأما كونها واقعة على تلك الألفاظ فلا.
لأنا نقول: يندفع ذلك بما علم ضرورة وبإجماعهم المعلوم كذلك عليه، من أن المعاني الشرعية المتداولة في عرف المتشرعة لو كانت بحيث تصدى الشارع بوضع ألفاظ لها، فلا تكون هذه الألفاظ إلا الألفاظ المعهودة الواقعة عليها في عرف المتشرعة.
نعم إنما يتوجه الإشكال إلى الدليل من حيث عموم نتيجته بالقياس إلى جميع الألفاظ المتنازع فيها وخصوصها.
وبعبارة أخرى: كون نتيجته محصورة كلية أو مهملة حيث أخذ في مورده الاختراع فلا يدرى أن المعاني المستعمل فيها هل هي بأجمعها من مخترعات الشارع أو لا؟