الشارع إلى الوضع والتعيين - وهو رفع كلفة مراعاة القرينة للتفهيم أو التفهم - تدعوه إلى تقديمه على نوع الاستعمال كما هو واضح.
واحتمال أن الشارع بنى أولا على التجوز، ثم بدا له بعد مدة أن يضعه لرفع تجشم القرينة، احتمال سخيف لا يلتفت إليه، ودعوى جوازه مما لا يصغى إليه.
أما الخامسة، فهي لمكان التعارض راجعة إلى السادسة، وفيهما لابد من الرجوع إلى مسألة دوران الوضع الثابت بين نوعيه، فإن كان ثمة أصل يعول عليه - كما زعمه بعض في جانب التعين استنادا إلى أصالة التأخر وأصالة عدم الوضع - فيؤخذ بموجبه ويلحقه الحكم المتقدم، وإلا فلا مناص من الوقف، وحيث إنه قد تقدم منا - في تعريف الفقه - منع وجود نحو هذا الأصل بالمناقشة فيما عرفته من الأصلين، فالمتجه حينئذ هو الوقف لا غير.
الأمر السادس: في بيان ما ينضبط به موضوع المسألة، ويعنون به محل النزاع ليتميز به عما هو خارج عنه.
وبعبارة أخرى: الضابط الكلي الذي يندرج فيه كل ما هو من موضوع المسألة ويخرج عنه ما عداه، وهو يتصور من وجوه:
أحدها: الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة المستعملة في غير معانيها الأصلية اللغوية، فما ليس بوارد فيهما، أو ليس بمستعمل في غير المعاني اللغوية خارج عن المتنازع.
وثانيها: الماهيات المخترعة الشرعية التي اخترعها وأحدثها الشارع، المغايرة لماهيات المعاني اللغوية، فالمتنازع فيه الألفاظ الواقعة على تلك الماهيات دون ما يقع على غيرها.
وثالثها: الألفاظ التي هي حقائق متشرعة، وهي التي صارت حقائق عند المتشرعة في غير معانيها اللغوية، سواء كانت من الماهيات المخترعة أو غيرها، فما ليس بحقيقة عند المتشرعة فليس بداخل في موضوع المسألة.
والأول مما لا سبيل إليه لوجوب كون موضوع المسألة معنونا بعنوان يتوارد عليه أقوالها.