اللغوية المقيدة من باب إطلاق الكلي على الفرد، فاشتهرت الإطلاقات الواردة على هذا الوجه إلى أن بلغت عرف المتشرعة، فأوجبت ثمة تعين الألفاظ لما أطلقت عليها من أفراد المعاني الحقيقية، فإن ذلك أيضا نحو من النقل التعيني على ما جوزه بعض متأخري المتأخرين، من دون استلزامه الاعتراف بخلاف المطلوب.
قلت: أولا: إن هذا النحو من النقل وإن جوزه بعض ممن لا خبرة له بطريقة أهل الاصطلاح، إلا أنه ينافيه ما يستفاد منهم من انحصار نقل التعين فيما سبقه الاستعمالات المجازية.
وثانيا: إن فرض حصول النقل بالتعين بواسطة تكثر الاستعمالات الواردة على سبيل إطلاق الكلي على الفرد غير ممكن، لإفضائه إلى اجتماع المتناقضين، فإن وضع التعين بالنسبة إلى الفرد يستدعي أخذ الخصوصية في المنقول إليه، وهو لكونه ناشئا عن تكثر الاستعمالات لا يتأتى إلا إذا اعتبر هذه الخصوصية في الاستعمالات أيضا، وأخذ هذه الاستعمالات على وجه إطلاق الكلي على الفرد كما هو المفروض يستدعي إلغاء الخصوصية، وظاهر إن اعتبار الخصوصية وإلغاءها أمران متناقضان فلا يجتمعان في استعمال واحد، فاستحال من جهته تحقق النقل إلى ما لابد فيه من أخذ الخصوصية.
وثالثا: إن هذا الفرض على فرض إمكانه في حصول نقل التعين، إنما يصح لو كان النقل المتحقق في هذه الألفاظ من باب النقل عن الكلي إلى الفرد.
وقضية كون المنقول إليه هو الفرد انفهام المعاني اللغوية في استعمالات الألفاظ الجارية على لسان المتشرعة، لأن الفرد عبارة عن الماهية المقيدة - بوصف التقيد - وهو مما يبطله دليل الخلف، بملاحظة ما بيناه من أنه لا يدرك في استعمالات هذه الألفاظ في عرف المتشرعة شائبة من معانيها اللغوية مطلقا.
وقضية ذلك كون النقل المفروض متحققا هنا من باب النقل عن المبائن إلى مثله، وهذا كما ترى مما لا يمكن فرضه مسبوقا بإطلاق الكلي على الفرد.