فالقول بحصول اصطلاح فيها للشارع أو المتشرعة في غاية السخافة، ولذا نرى الفقهاء لا يزالون يراجعون العرف أو اللغة فيها لشبهة مفهوم أو مصداق.
ويمكن اندراج ذلك أيضا في قضية قولهم: " المعاملات يرجع فيها إلى العرف أو اللغة ".
الثاني: ألفاظ تسمية معانيها من العقود والإيقاعات بها معروفة عند الفقهاء، وإطلاقها عليها متداول في لسانهم خاصة دون عامة المتشرعة حتى عوامهم، وذلك كالخلع والمباراة واللعان ونظائرها، فإن المعلوم منها في قاطبة المتشرعة إنما هو وجود معاني هذه الألفاظ حيث قد يقع فيما بينهم طلاق خلع أو مباراة أو نحو ذلك.
وأما تسمية هذه المعاني بالألفاظ المذكورة فليست متداولة إلا في لسان الفقهاء، بحيث لو أورد على غيرهم هذه الألفاظ لكانت في نظرهم الألفاظ من الغريبة، وفي هذا النحو من الألفاظ يحتمل وجوه:
منها: أن يقال: إن الشارع تعالى قد وضعها من أول بناء الشرع لتلك المعاني فوصلت إلى الأئمة (عليهم السلام) كذلك، ومنهم إلى الفقهاء ولم يتعدهم إلى غيرهم من عوام المتشرعة لقلة ابتلائهم بمعانيها، فتكون حقائق شرعية دون المتشرعة العامة.
ومنها: أن يقال: إن الشارع لم يتصرف فيها إلا بطريق التجوز، غير أنها إذا وصلت إلى الأئمة (عليهم السلام) صارت حقائق في لسانهم، ثم وصلت منهم كذلك إلى الفقهاء، ولم تتعدهم إلى غيرهم، فتكون حقائق متشرعة خاصة.
ومنها: أن يقال بتلك الصورة غير أنها في لسان الأئمة لم تبلغ حد الحقيقة، وإنما بلغت بهذا الحد في لسان الفقهاء خاصة، وخفيت على غيرهم فتكون حقائق فقهائية.
ومنها: أن يقال: بعدم تطرق تجوز ولا وضع شرعي ولا متشرعي ولا فقهائي إليها، بل هي حيثما أطلقت على هذه المعاني فإنما أطلقت باعتبار مفاهيمها العرفية أو اللغوية لتكون من جملة الحقائق العرفية، أو اللغوية الأصلية.