وكذلك قالوا في قولهم: (وبلدة ليس بها أنيس) انه نفى كون الناس مقيمين فيها فلما كانت اليعافير والعيس مقيمة فيها حسن أن يستثنيهما من الإقامة.
وقال قوم: انه لم يرد بالأنيس الناس وانما أراد ما يؤنس به ويسكن إليه ولما كانت اليعافير والعيس مما يسكن إليها على بعض الوجوه ويستأنس بها حسن أن يستثنى منها وعلى هذا الوجه فالاستثناء ما وقع الا من جنسه.
فاما قوله تعالى: ﴿فسجد الملائكة كلهم أجمعون الا إبليس﴾ (١) فقد قيل فيه وجهان:
أحدهما: ان إبليس كان من جملة الملائكة (٢) * الا انه عصى بترك السجود فحسن أن يستثنيه من جملة الملائكة هذا على مذهب من جوز على جنس الملائكة المعاصي.
ومن لم يجوز ذلك عليهم قال: انما استثناه لأنه كان أيضا مأمورا بالسجود كما أنهم كانوا مأمورين كذلك فاستثناه من جملة المأمورين لا من جملة الملائكة ويكون ذلك حملا على (٣) * المعنى (٤).
والوجهان جميعا قريبان.
فاما قوله: ﴿وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطأ﴾ (5) فقد قيل فيه: ان المؤمن لا يقتله الا خطأ لأنه لو قتله متعمدا لم يكن مؤمنا لان الفسق يخرج من اطلاق اسم الايمان عليه.