فان قالوا: يحسن دخوله ولا يدل على الاستغراق.
قال لهم: أصحاب الخصوص والوقف مثل ذلك في (من) و (ما).
وإذا كان الكلام مع أصحاب الخصوص والوقف يكون الكلام على ما رتبناه في (من) و (ما) على حد سواء (1).
فاما الذي اختاره أبو هاشم من أنهما يقتضيان تعريف الجنس (2) فلسنا نمنع من أن ذلك قد يراد في بعض الأحوال كما لا نمنع من أن يراد بهما المعهود على بعض الأحوال ولا يدل ذلك (3) * على أنه يجب حملها عليه ابدا كما لا يجب ذلك في حمله على العهد ابدا.
فاما من دفع أبا هاشم عن ذلك وقال: ان ذلك غير معقول (4) فباطل لأنا نحن نعلم أن القائل إذا قال: (اكلت اللحم ولبست الجباب (5) أو الثياب أو جاء وقت لبس الجباب) لا يريد بذلك اكله لحما بعينه ولا انه اكل جميع اللحوم وانما أراد تعريف هذا الجنس بعينه وكذلك لا يريد لبس جميع الجباب ولا جبابا بأعيانها وانما يريد تعريف هذا الجنس والكلام في ذلك بين فمن دفعه كان دافعا لما هو معلوم.
ويدل أيضا على ذلك: ان أهل اللغة نصوا فقالوا أسماء الأجناس تدل على القليل والكثير (6) * ولأجل ذلك قالوا: ان لفظ الجنس لا يجوز ان يجمع لأنه بنفسه يدل على القليل والكثير فجمعه عبث وانما يحسن جميعه إذا اختلفت الأجناس