فاما اقتضاء للنهي من حيث (1) المعنى فقد بينا ما عندنا في ذلك وفيه كفاية وذلك ينبئ على أن الامر يقتضى الايجاب وقد ذللنا عليه فيما مضى (2).
ونبين أيضا صحة ما قلنا: ان الامر بالشئ لو كان نهيا عن ضده لجاز لقائل ان يقول: (ان العلم بالشئ جهل بضده) وذلك جهالة ولا يلزمنا مثل ذلك فيما اخترناه من دلالته على قبح تركه لأنه لا يمتنع ان يدل الشئ على حسن امر وقبح شئ اخر من وجهين وليس ذلك بمتضاد (3) ويستحيل ان يكون العلم جهلا لان الصفتين متضادتان فبان الفرق بينهما (4).
فاما شبهة من خالف في ذلك فهو ان قال: ان الامر يقتضى إرادة المأمور به وإرادة الشئ كراهة ضده والحكمة تقتضي الا يريد الشئ الا ويكره ضده.
فان ذلك يسقط بما قلناه من أن الامر لا يدل على إرادة المأمور به ولو دل لم يكن إرادة الشئ كراهة ضده لان إرادة النوافل حاصلة وليست بكراهة لضدها ومتى بنى على أن الامر يقتضى الايجاب وإذا كان صادرا من حكيم دل على وجوبه وان ما عداه قبيح إذا لم يدل على أنه واجب مخير فيه مثله (5) فهو هو المعتمد عليه على ما بيناه.