على وجوب تحصيل تلك الصفة له فحينئذ يلزمه لمكان الدليل وذلك نحو قوله تعالى: ﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا﴾ (١) فأوجب الحج على من كان مستطيعا فمن ليس بمستطيع لا يلزمه تحصيل الاستطاعة ليدخل تحت الامر وكك لما أوجب الزكاة على من ملك مائتي درهم أو عشرين دينارا فمن ليس معه النصاب لا يلزمه تحصيل النصاب ليدخل تحت الامر.
وان كان الامر مطلقا نظر فيه فان كان لا يصح على وجه ما الا بفعل اخر وجب تحصيل ذلك الشئ ليتم معه المأمور به وذلك نحو الامر بالمسبب وهو لا يحصل الا عن سبب فلابد من أن يكون السبب واجبا عليه الا ترى ان من أوجب على غيره ايلام غيره وذلك لا يحصل الا من ضرب فلابد من أن يلزمه الضرب ليحصل عنده الألم ولهذه الجملة قلنا: ان الكافر إذا كان مخاطبا بالشرائع على ما نبينه يلزمه الاسلام لأنه لا يصح منه ايقاع الفعل على وجه القربة وكونها شرعية وكونه كافر يمنع من ذلك.
وان كان ذلك المأمور يصح على وجه ما حصوله الا انه قد علم بالشرع انه لا يكون شرعيا الا بفعل اخر جرى مجرى الأول في وجوب تحصيل ذلك الامر حتى يصح المأمور به وذلك نحو قوله: ﴿أقيموا الصلاة﴾ (٢) وقد علمنا أن الصلاة لا تصح الا بالطهارة وستر العورة وغير ذلك من الشرائط ولا شرعية الا كذلك وجب عليه تحصيل كل ما لا يتم الصلاة الا بها من الطهارة وغيرها.
وان لم يدل دليل على وجوب فعل اخر غير أنه قيل: (إذا كان امر من الأمور وجب عليك كذا) فإنه لا يجب عليه تحصيل ذلك الامر ليلزم ما أوجب عليه عند حصوله ولذلك قلنا ان قوله تعالى: ﴿واتوا الزكاة﴾ (3) لا يقتضى وجوب تحصيل