الناس من فرق بينهما فقال: في الاستعمال فرق بين الموضعين لان النهى يعقل منه في الشاهد التكرار الا ترى ان من قال لغلامه: (لا تفعل كذا وكذا) يعقل منه الامتناع على كل حال وليس كذلك الامر على ما بيناه.
وقالوا أيضا: ان النهى لما كان يقتضى الكف والكف عن المنهي عنه لا ضيق فيه ولا حرج فاقتضى لذلك الدوام وليس كذلك الامر لأنه لو اقتضى الدوام للحق في ذلك المشقة والضيق.
وقالوا أيضا: ان من انتهى عن الفعل في الأزمان كلها يقال فيه انه انتهى عما نهى عنه وإذا امر بالشئ وفعله ثم فعل مرة أخرى لا يقال انه فعل ما امر به.
والمعتمد هو الأول وبعده الفرق الثاني وهو الرجوع إلى الشاهد.
وتعلقوا أيضا بان قالوا: انه إذا أطلق الامر فليس يقتضى الفعل في وقت بأولى من أن يقتضى في وقت آخر فيجب ان يحمل على الأوقات كلها.
والجواب عن ذلك: انا نقول: انه يجب عليه ان يفعله في الثاني (1) على ما نذهب إليه في الفور فسقط السؤال.
ومن قال بالتراخي (2) * يقول: هو مخير في الأوقات كلها.
ومن قال بالوقف قال: ينتظر بيان وقت الفعل وليس لاستغراق الأوقات فيه ذكر فيدعى فيه العموم.
وتعلقوا أيضا بان قالوا: لو لم يقتض التكرار لما صح النسخ لان معنى النسخ هو إزالة مثل الحكم الثابت بالنص الأول في الثاني بنص اخر على وجه لولاه لكان ثابتا به مع تأخره عنه ولو كان الامر يقتضى الفعل مرة واحدة لما صح ذلك على حال.
والجواب عن ذلك: ان النسخ انما يصح إذا دل دليل غير الظاهر على أنه أريد