فتصح منه العبادة فهو متمكن من فعل الايمان ويجب عليه تحصيله ليصح منه العبادة لان ايجاب الشئ ايجاب ما لا يتم الشئ الا به على ما بيناه في الفصل الأول في السبب والمسبب والطهارة والصلاة (١) وانه لا فرق بين ان يكون متطهرا في أنه يلزمه فعل الصلاة وبين ان يكون متمكنا منها في أنه يلزمه كذلك وكذلك القول في الكافر.
وليس يجري مجرى من قطع رجل نفسه في سقوط فرض الصلاة عنه قائما لان مع قطع رجلهم يستحيل منه فعل الصلاة قائما فلأجل ذلك سقط عنه وليس كذلك الكافر لان الايمان ممكن فيه ويجرى في هذا الباب مجرى من شد رجل نفسه في أنه يلزمه فعل الصلاة قائما لأنه متمكن من حلها فيتمكن من فعل الصلاة قائما.
ويدل أيضا على صحة ما ذهبنا إليه قوله تعالى: ﴿فويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة﴾ (٢) فذم الله تعالى المشركين بمنعهم الزكاة فلولا انهم يخاطبون بها والا ما كانوا يستحقون الذم إذا لم يفعلوها.
ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى حاكيا عن الكفار: ﴿قالوا لم نك من المصلين﴾ (٣) فلولا انهم مخاطبون بها والا لم يعدوه من جملة ما عوقبوا عليه.
وليس ان يقولوا: انهم عدوا (٤) من جملة ذلك قوله: ﴿ولم نك نطعم المسكين﴾ (5) وان كان ذلك غير واجب عليهم.
وذلك أنه لا يمتنع ان يكونوا أرادوا بذلك منع الزكاة عن المساكين أو منع ما وجب عليهم من الكفارات من اطعام المساكين على ما تضمنته الآية الأولى فلأجل ذلك عوده في جملة ما عوقبوا عليه.