وأيضا، قلع الأشجار والزروع لا يمكن إلا بأخذها وإثبات اليد عليها، وهو تصرف.
على أنا لو سلمنا أن أمثال ذلك لا يكون تصرفا، فلا شك في كونه غصبا، والغصب حرام بالبديهة، فأي شئ أحل هذا الغصب، وحرم تصرف المالك في ملكه من جهة أن لونا عرضه ولصق به، مع أنه لا يريد التصرف في ذلك أصلا ولا يشتهيه مطلقا، وينكره ويقبحه ويشمئز عنه؟!
على أنا لو سلمنا أن أمثال ذلك لا يكون غصبا - أيضا - فلا شك في كونه إتلافا، فكما أن التصرف في مال المسلم بغير إذنه حرام، فكذلك إتلافه، بل وأشد حرمة، فكيف يصح إتلاف أموال عظيمة لا يحصيها إلا الله من جهة فلس، ولا يصح إتلاف فلس من الغاصب من جهة أموال عظيمة من المغصوب منه؟!
وإذا صح إتلافه بالمرة مجانا من غير عوض أصلا، لا جرم لا يكون له حرمة، فكيف يصح تعطيل أموال عظيمة محترمة غاية الاحترام، والحكم بإخراجها عن يد صاحبها، بسبب اتصاله بعرض لا يسوى فلسا ولا حرمة، له يصح إتلافه، بل ويجب شرعا على الغاصب إتلافه - لو أمكن الإتلاف - كما اعترفوا به وصرحوا بهذه الفتوى (1).
وأيضا، لو تم ما ذكروه لكان كل من أراد إخراج مال كل أحد عن يده قهرا شرعا، أو تعطيل ماله، يأخذ فلس صبغ أو نصف فلس ويصبغ تمام كل واحد من تلك الأموال أو بعضا منه خفية من صاحبها أو قهرا وظلما وإن كان ذلك البعض قدرا قليلا منه، فيقضي غرضه.
وهذا الضرر العظيم لا يرضى به الجبرية، فضلا عن العدلية، وأين هذا من