الأول لا حاجة إلى هذا الإضمار، وعلى التفسير الثاني يحتاج إليه.
قوله تعالى * (ولقد أنزلنآ إليكم ءايات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين) *.
اعلم أنه سبحانه لما ذكر في هذه السورة هذه الأحكام وصف القرآن بصفات ثلاثة: أحدها: قوله: * (ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات) * أي مفصلات، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم مبينات بكسر الياء على معنى أنها تبين للناس كما قال: * (بلسان عربي مبين) * (الشعراء: 19) أو تكون من بين بمعنى تبين، ومنه المثل: قد بين الصبح لذي عينين وثانيها: قوله: * (ومثلا من الذين خلوا من قبلكم) * وفيه وجهان: أحدهما: أنه تعالى يريد بالمثل ما ذكر في التوراة والإنجيل من إقامة الحدود فأنزل في القرآن مثله، وهو قول الضحاك والثاني: قوله: * (ومثلا) * أي شبها من حالهم بحالكم في تكذيب الرسل، يعني بينا لكم ما أحللنا بهم من العقاب لتمردهم على الله تعالى، فجعلنا ذلك مثلا لكم لتعلموا أنكم إذا شاركتموهم في المعصية كنتم مثلهم في استحقاق العقاب، وهو قول مقاتل وثالثها: قوله: * (وموعظة للمتقين) * والمراد به الوعيد والتحذير من فعل المعاصي ولا شبهة في أنه موعظة للكل، لكنه تعالى خص المتقين بالذكر للعلة التي ذكرناها في قوله: * (هدى للمتقين) * وههنا آخر الكلام في الأحكام. القول في الإلهيات اعلم أنه تعالى ذكر مثلين: أحدهما: في بيان أن دلائل الإيمان في غاية الظهور الثاني: في بيان أن أديان الكفرة في نهاية الظلمة والخفاء.
[بم أما المثل الأول فهو قوله سبحانه وتعالى:
قوله تعالى * (الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح فى زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضىء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدى الله لنوره