قوله تعالى * (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صوآف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون * لن ينال الله لحومها ولا دمآؤها ولكن يناله لتقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين) *.
اعلم أن قوله تعالى: * (والبدن) * فيه مسائل:
المسألة الأولى: البدن جمع بدنة كخشب وخشبة، سميت بذلك إذا أهديت للحرم لعظم بدنها وهي الإبل خاصة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألحق البقر بالإبل حين قال: " البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة " ولأنه قال: * (فإذا وجبت جنوبها) * وهذا يختص بالإبل فإنها تنحر قائمة دون البقر، وقال قوم البدن الإبل والبقر التي يتقرب بها إلى الله تعالى في الحج والعمرة، لأنه إنما سمى بذلك لعظم البدن فالأولى دخولها فيه، أما الشاة فلا تدخل وإن كانت تجوز في النسك لأنها صغيرة الجسم فلا تسمى بدنة.
المسألة الثانية: قرأ الحسن والبدن بضمتين كثمر في جمع ثمرة، وابن أبي إسحق بالضمتين وتشديد النون على لفظ الوقف، وقرئ بالنصب والرفع كقوله: * (والقمر قدرناه منازل) * والله أعلم.
المسألة الثالثة: إذا قال لله على بدنة، هل يجوز له نحرها في غير مكة؟ قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله يجوز، وقال أبو يوسف رحمه الله لا يجوز إلا بمكة واتفقوا فيمن نذر هديا أن عليه ذبحه بمكة، ولو قال: لله على جزور، أنه يذبحه حيث شاء، وقال أبو حنيفة رحمه الله البدنة بمنزلة الجزور فوجب أن يجوز له نحرها حيث يشاء بخلاف الهدى فإنه تعالى قال: * (هديا بالغ الكعبة) * (يس: 39) فجعل بلوغ الكعبة من صفة الهدى، واحتج أبو يوسف رحمه الله بقوله تعالى: * (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله) * فكان اسم البدنة يفيد كونها قربة فكان كاسم الهدى، أجاب أبو حنيفة رحمه الله