بالشرعيات والثاني: ما يتعلق بالعقليات ونحن نأتي على البابين بقدر الطاقة إن شاء الله تعالى.
النوع الأول: الشرعيات، واعلم أن الزنا حرام وهو من الكبائر ويدل عليه أمور: أحدها: أن الله تعالى قرنه بالشرك وقتل النفس في قوله تعالى: * (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما) * (الفرقان: 68) وقال: * (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا) * (الإسراء: 32)، وثانيها: أنه تعالى أوجب المائة فيها بكمالها بخلاف حد القذف وشرب الخمر، وشرع فيه الرجم، ونهى المؤمنين عن الرأفة وأمر بشهود الطائفة للتشهير وأوجب كون تلك الطائفة من المؤمنين، لأن الفاسق من صلحاء قومه أخجل وثالثها: ما روى حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يا معشر الناس اتقوا الزنا فإن فيه ست خصال ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، أما التي في الدنيا فيذهب البهاء ويورث الفقر وينقص العمر، وأما التي في الآخرة فسخط الله سبحانه وتعالى وسوء الحساب وعذاب النار " وعن عبد الله قال قلت يا رسول الله: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: " أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت ثم أي؟ قال، وأن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك قلت: ثم أي؟ قال: وأن تزني بحليلة جارك " فأنزل الله تعالى تصديقها: * (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون) * (الفرقان: 68) واعلم أنه يجب البحث في هذه الآية عن أمور: أحدها: عن ماهية الزنا وثانيها: عن أحكام الزنا وثالثها: عن الشرائط المعتبرة في كون الزنا موجبا لتلك الأحكام ورابعها: عن الطريق الذي به يعرف حصول الزنا وخامسها: أن المخاطبين بقوله: * (فاجلدوهم) * (النور: 4) من هم؟ وسادسها: أن الرجم والجلد المأمور بهما في الزنا كيف يكون حالهما؟.
البحث الأول: عن ماهية الزنا قال بعض أصحابنا إنه عبارة عن إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعا محرم قطعا وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اختلفوا في أن اللواطة هل ينطلق عليها اسم الزنا أم لا؟ فقال قائلون نعم. واحتج عليه بالنص والمعنى، أما النص فما روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: " إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان " وأما المعنى فهو أن اللواط مثل الزنا صورة ومعنى. أما الصورة فلأن الزنا عبارة عن إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعا محرم قطعا، والدبر أيضا فرج لأن القبل إنما سمى فرجا لما فيه من الانفراج، وهذا المعنى حاصل في الدبر أكثر ما في الباب أن في العرف لا تسمى اللواطة زنا ولكن هذا لا يقدح في أصل اللغة، كما يقال هذا طبيب وليس بعالم مع أن الطب علم، وأما المعنى فلأن الزنا قضاء للشهوة من محل مشتهى طبعا على جهة الحرام المحض، وهذا موجود في اللواط لأن القبل والدبر يشتهيان لأنهما يشتركان في المعاني التي هي متعلق الشهوة من الحرارة واللين وضيق المدخل، ولذلك فإن من يقول بالطبائع لا يفرق