الحلي وغيره وفي الآية فوائد: الفائدة الأولى: لما نهى عن استماع الصوت الدال على وجود الزينة فلأن يدل على المنع من إظهار الزينة أولى الثانية: أن المرأة منهية عن رفع صوتها بالكلام بحيث يسمع ذلك الأجانب إذ كان صوتها أقرب إلى الفتنة من صوت خلخالها، ولذلك كرهوا أذان النساء لأنه يحتاج فيه إلى رفع الصوت والمرأة منهية عن ذلك الثالثة: تدل الآية على حظر النظر إلى وجهها بشهوة إذا كان ذلك أقرب إلى الفتنة.
أما قوله سبحانه وتعالى: * (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: في التوبة وجهان: أحدهما: أن تكاليف الله تعالى في كل باب لا يقدر العبد الضعيف على مراعاتها وإن ضبط نفسه واجتهد، ولا ينفك من تقصير يقع منه، فلذلك وصى المؤمنين جميعا بالتوبة والاستغفار وتأميل الفلاح إذا تابوا واستغفروا والثاني: قال ابن عباس رضي الله عنهما توبوا مما كنتم تفعلونه في الجاهلية لعلكم تسعدون في الدنيا والآخرة، فإن قيل قد صحت التوبة بالإسلام والإسلام يجب ما قبله فما معنى هذه التوبة؟ قلنا قال بعض العلماء إن من أذنب ذنبا ثم تاب عنه لزمه كلما ذكره أن يجدد عنه التوبة، لأنه يلزمه أن يستمر على ندمه إلى أن يلقى ربه.
المسألة الثانية: قرىء * (أيه المؤمنون) * بضم الهاء، ووجهه أنها كانت مفتوحة لوقوعها قبل الألف، فلما سقطت الألف لالتقاء الساكنين أتبعت حركتها حركة ما قبلها والله أعلم.
المسألة الثالثة: تفسير لعل قد تقدم في سورة البقرة في قوله: * (اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) * والله أعلم. الحكم الثامن ما يتعلق بالنكاح قوله تعالى * (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقرآء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) *.
اعلم أنه تعالى لما أمر من قبل بغض الأبصار وحفظ الفروج بين من بعد أن الذي أمر به إنما هو فيما لا يحل، فبين تعالى بعد ذلك طريق الحل فقال: * (وأنكحوا الأيامى منكم) * وههنا مسائل:
المسألة الأولى: قال صاحب الكشاف الأيامى واليتامى أصلهما أيايم ويتايم فقلبا، وقال النضر بن شميل الأيم في كلام العرب كل ذكر لا أنثى معه وكل أنثى لا ذكر معها، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما في رواية الضحاك، تقول: زوجوا أيامكم بعضكم من بعض، وقال الشاعر:
فإن تنكحي انكح وإن تتأيمي * وإن كنت أفتى منكموا أتأيم