* (الزاني لا ينكح إلا زانية) * (النور: 3) والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، والمعنى أن مثل ذلك الرمي الواقع من المنافقين لا يليق إلا بالخبيثات والخبيثين لا بالطيبات والطيبين، كالرسول صلى الله عليه وسلم وأزواجه. فإن قيل فعلى هذا الوجه يلزم أن لا يتزوج الرجل العفيف بالزانية والجواب: ما تقدم في قوله: * (الزاني لا ينكح إلا زانية) * وقوله: * (أولئك مبرؤون) * يعني الطيبات والطيبين مما يقوله أصحاب الإفك، سوى قول من حمله على الكلمات فكأنه قال الطيبون مبرؤون مما يقوله الخبيثون، ومتى حمل أولئك على هذا الوجه كان لفظه كمعناه في أنه جمع، ومتى حملته على عائشة وصفوان وهما اثنان فكيف يعبر عنهما بلفظ الجمع؟ فجوابه من وجهين: الأول: أن ذلك الرمي قد تعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعائشة وصفوان فبرأ الله تعالى كل واحد منهم من التهمة اللائقة به الثاني: أن المراد به كل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنه تعالى برأهن من هذا الإفك. لكن لا يقدح فيهن أحد كما أقدموا على عائشة، ونزه الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك عن أمثال هذا الأمر وهذا أبين كأنه تعالى بين أن الطيبات من النساء للطيبين من الرجال، ولا أحد أطيب ولا أطهر من الرسول، فأزواجه إذن لا يجوز أن يكن إلا طيبات، ثم بين تعالى أن: * (لهم مغفرة) * يعني براءة من الله ورسوله ورزق كريم في الآخرة، ويحتمل أن يكون ذلك خبرا مقطوعا به، فيعلم بذلك أن أزواج الرسول عليه الصلاة والسلام هن معه في الجنة، وقد وردت الأخبار بذلك ويحتمل أن يكون المراد بشرط اجتناب الكبائر والتوبة، والأول أولى لأنا إنما نحتاج إلى الشرط إذا لم يمكن حمل الآية عليه، أما إذا أمكن فلا وجه لطلب الشرط، وهذا يدل على أن عائشة رضي الله عنها تصير إلى الجنة بخلاف مذهب الرافضة الذين يكفرونها بسبب حرب يوم الجمل فإنهم يردون بذلك نص القرآن فإن قيل القطع بأنها من أهل الجنة إغراء لها بالقبيح. قلنا أليس أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعلمه الله تعالى بأنه من أهل الجنة ولم يكن ذلك إغراء له بالقبيح، وكذا العشرة المبشرة بالجنة فكذا ههنا، والله أعلم تمت قصة أهل الإفك. الحكم السادس في الاستئذان قوله تعالى * (يا أيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون * فإن لم تجدوا فيهآ أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم رجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون
(١٩٥)