فوجب أن يبقى معمولا به في الدلالة على جميع تلك اللوازم، لكن من لوازم الزنا وجوب الحد فوجب أن يتحقق ذلك في اللواط. أكثر ما في الباب أنه ترك العمل بذلك في قوله عليه الصلاة والسلام: " إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان " لكن لا يلزم من ترك العمل هناك تركه ههنا الثاني: أن اللائط يجب قتله فوجب أن يقتل رجما بيان الأول: قوله عليه السلام: " من عمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل منهما والمفعول به " وبيان الثاني: أنه لما وجب قتله وجب أن يكون زانيا وإلا لما جاز قتله لقوله عليه السلام: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا لإحدى ثلاث " وههنا لم يوجد كفر بعد إيمان ولا قتل نفس بغير حق فلو لم يوجد الزنا بعد الإحصان لوجب أن لا يقتل، وإذا ثبت أنه وجد الزنا بعد الإحصان وجب الرجم لهذا الحديث الثالث: نقيس اللواط على الزنا، والجامع أن الطبع داع إليه لما فيه من الالتذاذ وهو قبيح فيناسب الزجر، والحد يصلح زاجرا عنه. قالوا: والفرق من وجهين: أحدهما: أنه وجد في الزنا داعيات، فكان وقوعه أكثر فسادا فكانت الحاجة إلى الزاجر أتم الثاني: أن الزنا يقتضي فساد الأنساب والجواب: إلغاؤهما بوطء العجوز الشوهاء واحتج أبو حنيفة رحمه الله بوجوه: أحدها: اللواط ليس بزنا على ما تقدم فوجب أن لا يقتل لقوله عليه الصلاة والسلام: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا لإحدى ثلاث " وثانيها: أن اللواط لا يساوي الزنا في الحاجة إلى شرع الزاجر، ولا في الجناية فلا يساويه في الحد بيان عدم المساواة في الحاجة. أن اللواطة وإن كانت يرغب فيها الفاعل لكن لا يرغب فيها المفعول طبعا بخلاف الزنا، فإن الداعي حاصل من الجانبين، وأما عدم المساواة في الجناية فلأن في الزنا إضاعة النسب ولا كذلك اللواط، إذا ثبت هذا فوجب أن لا يساويه في العقوبة، لأن الدليل ينفي شرع الحد لكونه ضررا ترك العمل به في الزنا، فوجب أن يبقى في اللواط على الأصل وثالثها: أن الحد كالبدل عن المهر فلما لم يتعلق باللواط المهر فكذا الحد والجواب: عن الأول أن اللواط وإن لم يكن مساويا للزنا في ماهيته لكنه يساويه في الأحكام وعن الثاني: أن اللواط وإن كان لا يرغب فيه المفعول لكن ذلك بسبب اشتداد رغبة الفاعل، لأن الإنسان حريص على ما منع وعن الثالث: أنه لا بد من الجامع والله أعلم.
المسألة الثانية: أجمعت الأمة على حرمة إتيان البهائم. وللشافعي رحمه الله في عقوبته أقوال: أحدها: يجب به حد الزنا فيرجم المحصن ويجلد غير المحصن ويغرب والثاني: أنه يقتل محصنا كان أو غير محصن. لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه " فقيل لابن عباس: ما شأن البهيمة؟ فقال: ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها، وقد عمل بها ذلك العمل والقول الثالث: وهو الأصح وهو قول أبي حنيفة ومالك والثوري وأحمد رحمهم الله: أن عليه التعزيز لأن الحد شرح للزجر عما تميل النفس إليه، وهذا الفعل لا تميل النفس إليه، وضعفوا حديث ابن عباس رضي الله عنهما لضعف إسناده وإن ثبت فهو معارض بما روي أنه عليه السلام نهى عن ذبح الحيوان إلا لأكله.