إلا لطلب الجنة، فلا جرم أخره الله تعالى وبعده بالإماتة ثم الإعادة ليكون العبد عابدا لربه بطاعته لا لطلب الانتفاع.
السؤال الثاني: هذه الآية تدل على نفي عذاب القبر لأنه قال: * (ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون) * ولم يذكر بين الأمرين الإحياء في القبر والإماتة والجواب: من وجهين: الأول: أنه ليس في ذكر الحياتين نفي الثالثة والثاني: أن الغرض من ذكر هذه الأجناس الثلاثة الإنشاء والإماتة والإعادة، والذي ترك ذكره فهو من جنس الإعادة.
النوع الثاني: من الدلائل الاستدلال بخلقة السماوات وهو قوله تعالى: * (ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين) * (المؤمنون: 17).
فقوله: * (سبع طرائق) * (المؤمنون: 17) أي سبع سماوات وإنما قيل لها طرائق لتطارقها بمعنى كون بعضها فوق بعض يقال طارق الرجل نعليه إذا أطبق نعلا على نعل وطارق بين ثوبين إذا لبس ثوبا فوق ثوب. هذا قول الخليل والزجاج والفراء قال الزجاج هو كقوله: * (سبع سماوات طباقا) * (نوح: 15) وقال علي بن عيسى سميت بذلك لأنها طرائق للملائكة في العروج والهبوط والطيران، وقال آخرون لأنها طرائق الكواكب فيها مسيرها والوجه في إنعامه علينا بذلك أنه تعالى جعلها موضعا لأرزاقنا بإنزال الماء منها، وجعلها مقرا للملائكة، ولأنها موضع الثواب، ولأنها مكان إرسال الأنبياء ونزول الوحي.
أما قوله: * (وما كنا عن الخلق غافلين) * (المؤمنون: 17) ففيه وجوه: أحدها: ما كنا غافلين بل كنا للخلق حافظين من أن تسقط عليهم الطرائق السبع فتهلكهم وهذا قول سفيان بن عيينة، وهو كقوله تعالى: * (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا) * (فاطر: 41) وثانيها: إنما خلقناها فوقهم لننزل عليهم الأرزاق والبركات منها عن الحسن وثالثها: أنا خلقنا هذه الأشياء فدل خلقنا لها على كمال قدرتنا ثم بين كمال العلم بقوله: * (وما كنا عن الخلق غافلين) * (المؤمنون: 17) يعني عن أعمالهم وأقوالهم وضمائرهم وذلك يفيد نهاية الزجر ورابعها: وما كنا عن خلق السماوات غافلين بل نحن لها حافظون لئلا تخرج عن التقدير الذي أردنا كونها عليه كقوله تعالى: * (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) * (الملك: 3).
واعلم أن هذه الآية دالة على كثير من المسائل: إحداها: أنها دالة على وجود الصانع فإن انقلاب هذه الأجسام من صفة إلى صفة أخرى تضاد الأولى مع إمكان بقائها على تلك الصفة يدل على أنه لابد من محول ومغير. وثانيتها: أنها تدل على فساد القول بالطبيعة فإن شيئا من تلك الصفات لو حصل بالطبيعة لوجب بقاؤها وعدم تغيرها ولو قلت إنما تغيرت تلك الصفات لتغير تلك الطبيعة افتقرت تلك الطبيعة إلى خالق وموجود وثالثتها: تدل على أن المدبر قادر عالم لأن الموجب