الحاجة والولوع بالشيء والشهوة له، والإربة الحاجة في النساء، والإربة العقل ومنه الأريب.
المسألة الثالثة: في * (غير) * قراءتان قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم وأبو جعفر غير بالنصب على الاستثناء أو الحال يعني أو التابعين عاجزين عنهن والقراءة الثانية بالخفض على الوصفية وثاني عشرها: قوله تعالى: * (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الطفل اسم للواحد لكنه وضع ههنا موضع الجمع لأنه يفيد الجنس، ويبين ما بعده أنه يراد به الجمع ونظيره قوله تعالى: * (ثم نخرجكم طفلا) * (الحج: 5).
المسألة الثانية: الظهور على الشيء على وجهين: الأول: العلم به كقوله تعالى: * (إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم) * (الكهف: 20) أي إن يشعروا بكم والثاني : الغلبة له والصولة عليه كقوله: * (فأصبحوا ظاهرين) * (الصف: 14) فعلى الوجه الأول يكون المعنى أو الطفل الذين لم يتصوروا عورات النساء ولم يدروا ما هي من الصغر وهو قول ابن قتيبة، وعلى الثاني الذين لم يبلغوا أن يطيقوا إتيان النساء، وهو قول الفراء والزجاج. المسألة الثالثة: أن الصغير الذي لم يتنبه لصغره على عورات النساء فلا عورة للنساء معه، وإن تنبه لصغره ولمراهقته لزم أن تستر عنه المرأة ما بين سرتها وركبتها، وفي لزوم ستر ما سواه وجهان: أحدهما: لا يلزم لأن القلم غير جار عليه والثاني: يلزم كالرجل لأنه يشتهي والمرأة قد تشتهيه وهو معنى قوله: * (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) * واسم الطفل شامل له إلى أن يحتلم، وأما الشيخ إن بقيت له شهوة فهو كالشاب، وإن لم يبق له شهوة ففيه وجهان: أحدهما: أن الزينة الباطنة معه مباحة والعورة معه ما بين السرة والركبة والثاني: أن جميع البدن معه عورة إلا الزينة الظاهرة، وههنا آخر الصور التي استثناها الله تعالى، قال الحسن هؤلاء وإن اشتركوا في جواز رؤية الزينة الباطنة فهم على أقسام ثلاثة، فأولهم الزوج وله حرمة ليست لغيره يحل له كل شيء منها، والحرمة الثانية للابن والأب والأخ والجد وأبي الزوج وكل ذي محرم والرضاع كالنسب يحل لهم أن ينظروا إلى الشعر والصدر والساقين والذراع وأشباه ذلك، والحرمة الثالثة هي للتابعين غير أولي الإربة من الرجال وكذا مملوك المرأة فلا بأس أن تقوم المرأة الشابة بين يدي هؤلاء في درع وخمار صفيق بغير ملحفة، ولا يحل لهؤلاء أن يروا منها شعرا ولا بشرا والستر في هذا كله أفضل، ولا يحل للشابة أن تقوم بين يدي الغريب حتى تلبس الجلباب، فهذا ضبط هؤلاء المراتب.
أما قوله تعالى: * (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) * فقال ابن عباس وقتادة كانت المرأة تمر بالناس وتضرب برجلها ليسمع قعقعة خلخالها، ومعلوم أن الرجل الذي يغلب عليه شهوة النساء إذا سمع صوت الخلخال يصير ذلك داعية له زائدة في مشاهدتهن، وقد علل تعالى ذلك بأن قال: * (ليعلم ما يخفين من زينتهن) * فنبه به على أن الذي لأجله نهى عنه أن يعلم زينتهن من