ما عداه. فكأنه تعالى نهى كل أمة بقيت منها بقية أن تستمر على تلك العادة، وألزمها أن تتحول إلى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فلذلك قال: * (وادع إلى ربك) * أي لا تخص بالدعاء أمة دون أمة فكلهم أمتك فادعهم إلى شريعتك فإنك على هدى مستقيم، والهدى يحتمل نفس الدين ويحتمل أدلة الدين وهو أولى. كأنه قال ادعهم إلى هذا الدين فإنك من حيث الدلالة على طريقة واضحة ولهذا قال: * (وإن جادلوك) * والمعنى فإن عدلوا عن النظر في هذه الأدلة إلى طريقة المراء والتمسك بالعادة فقد بينت وأظهرت ما يلزمك * (فقل الله أعلم بما تعملون) * لأنه ليس بعد إيضاح الأدلة إلا هذا الجنس الذي يجري مجرى الوعيد والتحذير من حكم يوم القيامة الذي يتردد بين جنة وثواب لمن قبل، وبين نار وعقاب لمن رد وأنكر. فقال: * (الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون) * فتعرفون حينئذ الحق من الباطل والله أعلم.
قوله تعالى * (ألم تعلم أن الله يعلم ما فى السمآء والارض إن ذلك فى كتاب إن ذلك على الله يسير * ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير * وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات تعرف فى وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم ءاياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير) *.
إعلم أنه تعالى لما قال من قبل * (فالله يحكم بينكم يوم القيامة) * (النساء: 141) أتبعه بما به يعلم أنه سبحانه عالم بما يستحقه كل أحد منهم، فيقع الحكم منه بينهم بالعدل لا بالجور فقال لرسوله: * (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض) * وههنا مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (ألم تعلم) * هو على لفظ الاستفهام لكن معناه تقوية قلب الرسول صلى الله عليه وسلم والوعد له وإيعاد الكافرين بأن كل فعلهم محفوظ عند الله لا يضل عنه ولا ينسى.
المسألة الثانية: الخطاب مع الرسول صلى الله عليه وسلم والمراد سائر العباد ولأن الرسالة لا تثبت