قوله سواء ظهرت الدولة أو لم تظهر، ولما كانت هذه الأجوبة في نهاية الظهور لا جرم تركها الله سبحانه.
قوله تعالى * (قال رب انصرنى بما كذبون * فأوحينآ إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جآء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبنى فى الذين ظلموا إنهم مغرقون * فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذى نجانا من القوم الظالمين * وقل رب أنزلنى منزلا مباركا وأنت خير المنزلين * إن فى ذلك لأيات وإن كنا لمبتلين) *.
أما قوله: * (رب انصرني بما كذبون) * ففيه وجوه: أحدها: أن في نصره إهلاكهم فكأنه قال أهلكهم بسبب تكذيبهم إياي وثانيها: انصرني بدل ما كذبوني كما تقول هذا بذاك أي بدل ذلك ومكانه، والمعنى أبدلني من غم تكذيبهم سلوة النصر عليهم وثالثها: انصرني بإنجاز ما وعدتهم من العذاب وهو ما كذبوه فيه حين قال لهم: * (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) * (الأعراف: 59) ولما أجاب الله دعاءه قال: * (فأوحينا إليه أن أصنع الفلك بأعيننا) * أي بحفظنا وكلئنا كأن معه من الله حافظا بكلؤه بعينه لئلا يتعرض له ولا يفسد عليه مفسد عمله، ومنه قولهم: عليه من الله عين كالئة، وهذه الآية دالة على فساد قول المشبهة في تمسكهم بقوله عليه السلام: " إن الله خلق آدم على صورته " لأن ثبوت الأعين يمنع من ذلك، واختلفوا في أنه عليه السلام كيف صنع الفلك فقيل إنه كان نجارا وكان عالما بكيفية اتخاذها، وقيل إن جبريل عليه السلام علمه عمل السفينة ووصف له كيفية اتخاذها، وهذا هو الأقرب لقوله * (بأعيننا ووحينا) *.