قرأ حمزة والكسائي أنهم بالكسر والباقون بالفتح فالكسر استئناف أي قد فازوا حيث صبروا فجوزوا بصبرهم أحسن الجزاء، والفتح على أنه في موضع المفعول الثاني من جزيت، ويجوز أن يكون نصبا بإضمار الخافض أي جزيتهم الجزاء الوافر لأنهم هم الفائزون.
قوله تعالى * (قال كم لبثتم فى الارض عدد سنين * قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العآدين * قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون * أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم) *.
اعلم أن في هذه الآية مسائل:
المسألة الأولى: قال صاحب " الكشاف " في مصاحف أهل الكوفة * (قال) * وهو ضمير الله أو المأمور بسؤالهم من الملائكة، و * (قل) * في مصاحف أهل الحرمين والبصرة والشام وهو ضمير الملك أو بعض رؤساء أهل النار.
المسألة الثانية: الغرض من هذا السؤال التبكيت والتوبيخ، فقد كانوا ينكرون اللبث في الآخرة أصلا ولا يعدون اللبث إلا في دار الدنيا ويظنون أن بعد الموت يدوم الفناء ولا إعادة فلما حصلوا في النار وأيقنوا أنها دائمة وهم فيها مخلدون سألهم * (كم لبثتم في الأرض) * تنبيها لهم على أن ما ظنوه دائما طويلا فهو يسير بالإضافة إلى ما أنكروه، فحينئذ تحصل لهم الحسرة على ما كانوا يعتقدونه في الدنيا من حيث أيقنوا خلافه، فليس الغرض السؤال بل الغرض ما ذكرنا. فإن قيل فكيف يصح في جوابهم أن يقولوا: * (لبثنا يوما أو بعض يوم) * ولا يقع من أهل النار الكذب قلنا لعلهم نسوا ذلك لكثرة ما هم فيه من الأهوال وقد اعترفوا بهذا النسيان حيث قالوا: * (فاسأل العادين) * قال ابن عباس رضي الله عنهما أنساهم ما كانوا فيه من العذاب بين النفختين وقيل مرادهم بقولهم: * (لبثنا يوم أو بعض يوم) * تصغير لبثهم وتحقيره بالإضافة إلى ما وقعوا فيه وعرفوه من أليم العذاب والله أعلم.
المسألة الثالثة: اختلفوا في أن السؤال عن أي لبث وقع، فقال بعضهم لبثهم إحياؤهم في