أبي حنيفة رحمه الله: يضرب بالسياط، دليلنا ما روي أن رجلا مقعدا أصاب امرأة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فأخذوا مائة شمراخ فضربوه بها ضربة واحدة، ولأن الصلاة إذا كانت تختلف باختلاف حاله فالحد أولى بذلك.
المسألة الثامنة: يقام الحد في وقت اعتدال الهواء، فإن كان في حال شدة حر أو برد نظر إن كان الحد رجما يقام عليه كما يقام في المرض لأن المقصود قتله، وقيل إن كان الرجم ثبت عليه بإقراره فيؤخر إلى اعتدال الهواء وزوال المرض الذي يرجى زواله، لأنه ربما رجع عن إقراره في خلال الرجم وقد أثر الرجم في جسمه فتعين شدة الحر والبرد والمرض على إهلاكه بخلاف ما لو ثبت بالبينة لأنه لا يسقط، وإن كان الحد جلدا لم يجز إقامته في شدة الحر والبرد كما لا يقام في المرض. أما الرجم ففيه مسائل:
المسألة الأولى: قال الشافعي رحمه الله، ومالك رحمه الله: يجوز للإمام أن يحضر رجمه وأن لا يحضر، وكذا الشهود لا يلزمهم الحضور. وقال أبو حنيفة رحمه الله: إن ثبت الزنا بالبينة وجب على الشهود أن يبدأوا بالرجم ثم الإمام ثم الناس، وإن ثبت بإقرار بدأ الإمام ثم الناس. حجة الشافعي رحمه الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برجم ماعز والغامدية ولم يحضر رجمهما.
المسألة الثانية: إن ثبت الزنا بإقراره فمتى رجع ترك، وقع به بعض الحد أو لم يقع. وبه قال أبو حنيفة رحمه الله والثوري وأحمد وإسحق، وقال الحسن وابن أبي ليلى وداود لا يقبل رجوعه، وعن مالك رحمه الله روايتان.
حجة القول الأول: أن ماعزا لما مسته الحجارة وهرب، فقال عليه السلام: " هلا تركتموه ".
المسألة الثالثة: يحفر للمرأة إلى صدرها حتى لا تنكشف ويرمى إليها، ولا يحفر للرجل، لما روى أبو سعيد الخدري " أن ماعزا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إني أصبت فاحشة فأقم على الحد، فرده النبي عليه السلام مرارا، ثم سأل قومه، فقالوا: لا نعلم به بأسا فأمرنا أن نرجمه، فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد فما أوثقناه ولا حفرنا له، قال فرميناه بالعظام والمدر والخزف، قال فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة وانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكن " وجه الاستدلال أنه قال: " فما أوثقناه ولا حفرنا له " ولأنه هرب، ولو كان في حفرة لما أمكنه ذلك.
المسألة الرابعة: إذا مات في الحد يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، فهذا ما أردنا ذكره من بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه الآية.
أما المباحث العقلية: فاعلم أن من الناس من قال: لا شك أن البدن مركب من أجزاء كثيرة، فإما أن يقوم بكل جزء حياة وعلم وقدرة على حدة أو يقوم بكل الأجزاء حياة واحدة وعلم واحد وقدرة واحدة، والثاني محال لاستحالة قيام العرض الواحد بالمحال الكثيرة فتعين