ربما منعهم بعض الأشغال من الإذن، وفي المرة الثانية ربما كان هناك ما يمنع أو يقتضي المنع أو يقتضي التساوي، فإذا لم يجب في الثالثة يستدل بعدم الإذن على مانع ثابت، وربما أوجب ذلك كراهة قربه من الباب فلذلك يسن له الرجوع، ولذلك يقول يجب في الاستئذان ثلاثا، أن لا يكون متصلا، بل يكون بين كل واحدة والأخرى وقت، فأما قرع الباب بعنف والصياح بصاحب الدار، فذاك حرام لأنه يتضمن الإيذاء والإيحاش، وكفى بقصة بني أسد زاجرة وما نزل فيها من قوله تعالى: * (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون) * (الحجرات: 4).
السؤال الخامس: كيف يقف على الباب الجواب: روي أن أبا سعيد استأذن على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل الباب، فقال عليه الصلاة والسلام: لا تستأذن وأنت مستقبل الباب. وروي أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر فيقول السلام عليكم، وذلك لأن الدور لم يكن عليها حينئذ ستور.
السؤال السادس: أن كلمة (حتى) للغاية والحكم بعد الغاية يكون بخلاف ما قبلها فقوله: * (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا) * يقتضي جواز الدخول بعد الاستئذان وإن لم يكن من صاحب البيت إذن فما قولكم فيه؟ الجواب: من وجوه: أحدها: أن الله تعالى جعل الغاية الاستئناس لا الاستئذان، والاستئناس لا يحصل إلا إذا حصل الإذن بعد الاستئذان وثانيها: أنا لما علمنا بالنص أن الحكمة في الاستئذان أن لا يدخل الإنسان على غيره بغير إذنه فإن ذلك مما يسوءه، وعلمنا أن هذا المقصود لا يحصل إلا بعد حصول الإذن، علمنا أن الاستئذان ما لم يتصل به الإذن وجب أن لا يكون كافيا وثالثها: أن قوله تعالى: * (فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم) * فحظر الدخول إلا بإذن، فدل على أن الإذن مشروط بإباحة الدخول في الآية الأولى، فإن قيل إذا ثبت أنه لا بد من الإذن فهل يقوم مقامه غيره أم لا؟ قلنا روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رسول الرجل إلى الرجل إذنه " وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " إذا دعي أحدكم فجاء مع الرسول فإن ذلك له إذن " وهذا الخبر يدل على معنيين أحدهما: أن الإذن محذوف من قوله: * (حتى تستأنسوا) * وهو المراد منه والثاني: أن الدعاء إذن إذا جاء مع الرسول وأنه لا يحتاج إلى استئذان ثان، وقال بعضهم إن من قد جرت العادة له بإباحة الدخول فهو غير محتاج إلى الاستئذان.
السؤال السابع: ما حكم من اطلع على دار غيره بغير إذنه؟ الجواب: قال الشافعي رحمه الله: لو فقئت عينه فهي هدر، وتمسك بما روى سهل بن سعد قال: " اطلع رجل في حجرة من حجر النبي صلى الله عليه وسلم ومعه مدري يحك بها رأسه فقال: لو علمت أنك تنظر إلي لطعنت بها في عينك إنما الاستئذان قبل النظر " وروى أبو هريرة رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: " من