ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم (20) * (يا أيها الذين ءامنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشآء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكى من يشآء والله سميع عليم) *. (21) (المسألة الخامسة) الآية تدل على أن العزم على الذنب العظيم عظيم، وأن إرادة الفسق فسق، لأنه تعالى علق الوعيد بمحبة إشاعة الفاحشة.
(المسألة السادسة) قال الجبائي دلت الآية على أن كل قاذف لم يتب من قذفه فلا ثواب له من حيث استحق هذا العذاب الدائم، وذلك يمنع من استحقاق ضده الذي هو الثواب، فمن هذا الوجه تدل على ما نقوله في الوعيد، واعلم أن حاصله يرجع إلى مسألة المحابطة وقد تقدم الكلام عليه.
(المسألة السابعة) قالت المعتزلة: إن الله تعالى بالغ في ذم من أحب إشاعة الفاحشة، فلو كان تعالى هو الخالق لأفعال العباد لما كان مشيع الفاحشة إلا هو، فكان يجب أن لا يستحق الذم على إشاعة الفاحشة إلا هو، لأنه هو الذي فعل تلك الإشاعة وغيره لم يفعل شيئا منها، والكلام عليه أيضا قد تقدم.
(المسألة الثامنة) قال أبو حنيفة رحمه الله: المصابة بالفجور لا تستنطق، لان استنطاقها إشاعة للفاحشة وذلك ممنوع منه.
(النوع الثامن) قوله تعالى (ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم) وفيه وجوه (أحدها) أن جوابه محذوف وكأنه قال لهلكتم أو لعذبكم الله واستأصلكم لكنه رؤوف رحيم، قال ابن عباس الخطاب لحسان ومسطح وحمنة، ويجوز أن يكون الخطاب عاما (والثاني) جوابه في قوله (ما زكى منكم من أحد أبدا) (والثالث) جوابه لكانت الفاحشة تشيع فتعظم المضرة وهو قول أبى مسلم، والأقرب أن جوابه محذوف لان قوله من بعد (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد) كالمنفصل من الأول فلا يجب أن يكون جوابا للأول، خصوصا وقد وقع بين الكلامين كلام آخر، والمراد أنه لولا إنعامه بأن بقى وأمهل ومكن من التلافي لهلكوا، لكنه لرأفته لا يدع ما هو للعبد أصلح وإن جنى على نفسه.
(النوع التاسع) قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان، ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر، ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا، ولكن الله يزكى من يشاء الله سميع عليم)