يبتدأ بعدها الكلام والكلام الجملة الشرطية.
واعلم أنه لا شبهة (في) أن الضمير في مترفيهم راجع إلى من تقدم ذكره من الكفار لأن العذاب لا يليق إلا بهم وفي هذا العذاب وجهان: أحدهما: أراد بالعذاب ما نزل بهم يوم بدر والثاني: أنه عذاب الآخرة ثم بين سبحانه أن المنعمين منهم إذا نزل بهم العذاب يجأرون أي يرتفع صوتهم بالاستغاثة والضجيج لشدة ما هم عليه ويقال لهم على وجه التبكيت * (لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون) * فلا يدفع عنكم ما يريد إنزاله بكم، دل بذلك سبحانه على أنهم سينتهون يوم القيامة إلى هذه الدرجة من الحسرة والندامة وهو كالباعث لهم في الدنيا على ترك الكفر والإقدام على الإيمان والطاعة فإنهم الآن ينتفعون بذلك.
قوله تعالى * (قد كانت ءاياتى تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون * مستكبرين به سامرا تهجرون * أفلم يدبروا القول أم جآءهم ما لم يأت ءابآءهم الاولين * أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون * أم يقولون به جنة بل جآءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون * ولو اتبع الحق أهوآءهم لفسدت السماوات والارض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون * أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين) *.
اعلم أنه سبحانه لما بين فيما قبل أنه لا ينصر أولئك الكفار أتبعه بعلة ذلك وهي أنه متى تليت آيات الله عليهم أتوا بأمور ثلاثة: أحدها: أنهم كانوا على أعقابهم ينكصون وهذا مثل يضرب فيمن تباعد عن الحق كل التباعد وهو قوله: * (فكنتم على أعقابكم تنكصون) * أي تنفرون عن تلك الآيات وعمن يتلوها كما يذهب الناكص على عقبيه بالرجوع إلى ورائه وثانيها: قوله: * (مستكبرين به) * والهاء