القيامة وزنا) * (الكهف: 105) أي قدرا وثالثها: أنه ميزان له لسان وكفتان يوزن فيه الحسنات في أحسن صورة، والسيئات في أقبح صورة فمن ثقلت حسناته سيق إلى الجنة ومن ثقلت سيئاته فإلى النار، وتمام الكلام في هذا الباب قد تقدم في سورة الأنبياء عليهم السلام. وأما الأشقياء فقد وصفهم الله تعالى بأمور أربعة: أحدها: أنهم خسروا أنفسهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما غبنوها بأن صارت منازلهم للمؤمنين، وقيل امتنع انتفاعهم بأنفسهم لكونهم في العذاب وثانيها: قوله: * (في جهنم خالدون) * ودلالته على خلود الكفار في النار بينة. قال صاحب " الكشاف ": * (في جهنم خالدون) * بدل من خسروا أنفسهم أو خبر بعد خبر لأولئك أو خبر مبتدأ محذوف وثالثها: قوله: * (تلفح وجوههم النار) * قال ابن عباس رضي الله عنهما أي تضرب وتأكل لحومهم وجلودهم، قال الزجاج: اللفح والنفخ واحد إلا أن اللفح أشد تأثيرا ورابعها: قوله: * (وهم فيها كالحون) * والكلوح أن تتقلص الشفتان ويتباعدا عن الأسنان، كما ترى الرؤوس المشوية، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تشويه النار فتتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته "، وقرئ (كلحون)، ثم إنه سبحانه لما شرح عذابهم، حكى ما يقال لهم عند ذلك تقريعا وتوبيخا، وهو قوله تعالى: * (ألم تكن آياتي تتلى عليكم) * ثم إنكم كنتم تكذبون بها مع وضوحها، فلا جرم صرتم مستحقين لما أنتم فيه من العذاب الأليم. قالت المعتزلة: الآية تدل على أنهم إنما وقعوا في ذلك العذاب لسوء أفعالهم، ولو كان فعل العباد بخلق الله تعالى لما صح ذلك والجواب: أن القادر على الطاعة والمعصية إن صدرت المعصية عنه لا لمرجح البتة كان صدورها عنه اتفاقيا لا اختياريا، فوجب أن لا يستحق العقاب، وإن كان لمرجح، فذاك المرجح ليس من فعله وإلا لزم التسلسل، فحينئذ يكون صدور تلك الطاعة عند اضطراريا لا اختياريا، فوجب أن لا يستحق الثواب.
قوله تعالى * (قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضآلين * ربنآ أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون * قال اخسئوا فيها ولا تكلمون * إنه كان فريق من عبادى يقولون ربنآ ءامنا فاغفر لنا