يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين (17) ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم (18) السؤال الثاني: لم أوجب عليهم أن يقولوا هذا بهتان عظيم مع أنهم ما كانوا عالمين بكونه كذبا قطعا؟ والجواب: من وجهين: الأول: أنهم كانوا متمكنين من العلم بكونه بهتانا، لأن زوجة الرسول لا يجوز أن تكون فاجرة الثاني: أنهم لما جزموا أنهم ما كانوا ظانين له بالقلب كان إخبارهم عن ذلك الجزم كذبا، ونظيره قوله: * (والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) * (المنافقون: 1).
النوع السادس: قوله تعالى (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين، ويبين كان إخبارهم عن ذلك الجزم كذبا، ونظيره قوله (والله يشهد إن المنافقين لكاذبون).
(النوع السادس) قوله تعالى (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين، ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم).
وهذا من باب الزواجر، والمعنى يعظكم الله بهذه المواعظ التي بها تعرفون عظم هذا الذنب وأن فيه الحد والنكال في الدنيا والعذاب في الآخرة، لكي لا تعودوا إلى مثل هذا العمل أبدا وأبدهم ما داموا أحياء مكلفين، وقد تحت ذلك من قال ومن سمع فلم ينكر، لان حالهما سواء في أن فعلا مالا يجوز وإن كان من أقدم عليه أعظم ذنبا، فبين أن الغرض بما عرفهم من هذه الطريقة أن لا يعودوا إلى مثل ما تقدم منهم وههنا مسائل:
(المسألة الأولى) استدلت المعتزلة بقوله (إن كنتم مؤمنين) على أن ترك القذف من الايمان وعلى أن فعل القذف لا يبقى معه الايمان، لان المعلق على الشرط عدم عند عدم الشرط (والجواب) هذا معارض بقوله (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم) أي منكم أيها المؤمنون فدل ذلك على أن القذف لا يوجب الخروج عن الايمان وإذا ثبت التعارض حملنا هذه الآية على التهييج في الاتعاظ والانزجار.
(المسألة الثانية) قالت المعتزلة دلت هذه الآية على أنه تعالى أراد من جميع من وعظه مجانبة مثل ذلك في المستقبل وإن كانت فيهم من لا يطيع، فمن هذا الوجه تدل على أنه تعالى يريد من كلهم الطاعة وإن عصوا، لأنه قوله (يعظكم الله أن تعودوا) معناه لكي لا تعودوا لمثله وذلك دلالة الإرادة (والجواب) عنه قد تقدم مرارا.
(المسألة الثالثة) هل يجوز أن يسمى الله تعالى واعظا لقوله (يعظكم الله أن تعودوا)؟
الأظهر أنه لا يجوز كما لا يجوز أن يسمى معلما لقوله (الرحمن علم القرآن).
أما قوله تعالى (ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم) فالمراد من الآيات ما به يعرف المرء ما ينبغي أن يتمسك به، ثم بين أنه لكونه عليما حكيما يؤثر بما يجب أن بينه ويجب أن يطاع لأجل ذلك، لان من لا يكون عالما لا يجب قبول تكليفه، لأنه قد يأمر بما لا ينبغي، ولان