بين المحلين، وإنما المفرق هو الشرع في التحريم والتحليل، فهذا حجة من قال اللواط داخل تحت اسم الزنا، وأما الأكثرون من أصحابنا فقد سلموا أن اللواط غير داخل تحت اسم الزنا واحتجوا عليه بوجوه: أحدها: العرف المشهور من أن هذا لواط وليس بزنا وبالعكس والأصل عدم التغيير وثانيها: لو حلف لا يزني فلاط لا يحنث وثالثها: أن الصحابة اختلفوا في حكم اللواط وكانوا عالمين باللغة فلو سمي اللواط زنا لأغناهم نص الكتاب في حد الزنا عن الاختلاف والاجتهاد، وأما الحديث فهو محمول على الإثم بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: " إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان " وقال عليه الصلاة والسلام: " اليدان تزنيان والعينان تزنيان " وأما القياس فبعيد لأن الفرج وإن كان سمى فرجا لما فيه من الانفراج فلا يجب أن يسمى كل ما فيه انفراج بالفرج وإلا لكان الفم والعين فرجا، وأيضا فهم سموا النجم نجما لظهوره، ثم ما سموا كل ظاهر نجما. وسموا الجنين جنينا لاستناره، وما سموا كل مستتر جنينا، واعلم أن للشافعي رحمه الله في فعل اللواط قولان أصحهما عليه حد الزنا إن كان محصنا يرجم، وإن لم يكن محصنا يجلد مائة ويغرب عاما وثانيهما: يقتل الفاعل والمفعول به سواء كان محصنا أو لم يكن محصنا، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به " ثم في كيفية قتله أوجه: أحدها: تحز رقبته كالمرتد وثانيها: يرجم بالحجارة وهو قول مالك وأحمد وإسحق وثالثها: يهدم عليه جدار، يروى ذلك عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ورابعها: يرمى من شاهق جبل حتى يموت، يروى ذلك عن علي عليه السلام وإنما ذكروا هذه الوجوه: لأن الله تعالى عذب قوم لوط بكل ذلك فقال تعالى: * (فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) * (هود: 82) وعند أبي حنيفة رحمه الله لا يحد اللوطي بل يعذر، أما المفعول به فإن كان عاقلا بالغا طائعا فإن قلنا على الفاعل القتل فيقتل المفعول به على صفة قتل الفاعل للخبر، وإن قلنا على الفاعل حد الزنا فعلى المفعول به مائة جلدة وتغريب عام محصنا كان أو غير محصن، وقيل إن كانت امرأة محصنة فعليها الرجم، وليس بصحيح لأنها لا تصير محصنة بالتمكين في الدبر فلا يلزمها حد المحصنات كما لو كان المفعول به، ذكر حجة الشافعي رحمه الله على وجوب الحد من وجوه: الأول: أن اللواط، إما أن يساوي الزنا في الماهية أو يساويه في لوازم هذه الماهية وإذا كان كذلك وجب الحد بيان الأول: قوله عليه الصلاة والسلام: " إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان " فاللفظ دل على كون اللائط زانيا، واللفظ الدال بالمطابقة على ماهية دال بالالتزام على حصول جميع لوازمها، ودلالة المطابقة والالتزام مشتركان في أصل الدلالة، فاللفظ الدال على حصول الزنا دال على حصول جميع اللوازم، ثم بعد هذا إن تحقق مسمى الزنا في اللواط دخل تحت قوله: * (الزانية والزاني فاجلدوا) * وإن لم يتحقق مسمى الزنا وجب أن يتحقق لوازم مسمى الزنا لما ثبت أن اللفظ الدال على تحقق ماهية دال على تحقق جميع تلك اللوازم ترك العمل به في حق الماهية
(١٣٢)