ولو يؤاخذ الله الناس بظلمه ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (61) ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون (62) تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم (63) وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (64) قوله تعالى (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلي أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون تا لله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) اعلم أنه تعالى لما حكى عن القوم عظيم كفرهم وقبيح قولهم، بين أنه يهمل هؤلاء الكفار ولا يعاجلهم بالعقوبة، إظهارا للفضل والرحمة والكرم، وفى الآية مسائل:
(المسألة الأولى) احتج الطاعنون في عصمة الأنبياء عليهم السلام بقوله تعالى (ولو يؤاخذ الله الناس بظلهم ما ترك عليها من دابة) من وجهين: الأول: أنه قال (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم) فأضاف الظلم إلي كل الناس، ولا شك أن الظلم من المعاصي، فهذا يقتضى كون كل إنسان آتيا بالذنب والمعصية، والأنبياء عليهم السلام من الناس، فوجب كونهم آتين بالذنب والمعصية. والثاني:
أنه تعالى قال: ما ترك على ظهرها من دابة. وهذا يقتضى أن كل من كان على ظهر الأرض فهو آت بالظلم والذنب، حتى يلزم من إفناء كل من كان ظالما كل الناس. أما إذا قلنا: الأنبياء عليهم السلام لم يصدر عنهم ظلم فلا يجب إفناؤهم، وحينئذ لا يلزم من إفناء كل الظالمين إفناء كل الناس، وأن لا يبقى على ظهر الأرض دابة، ولما لزم علمنا أن كل البشر ظالمون سواء كانوا ن الأنبياء أو لم يكونوا كذلك.