الله لا من فعل العبد، والدليل عليه هو أن التذكرة عبارة عن طلب المتذكر فحال الطلب إما أن يكون له به شعور أو لا يكون له به شعور. فإن كان له شعور فذلك الذكر حاصل، والحاصل لا يطلب تحصيله. وإن لم يكن له به شعور فكيف يطلبه بعينه، لأن توجيه الطلب إليه بعينه حال ما لا يكون هو بعينه متصورا محال.
إذا ثبت هذا فنقول: قوله: * (لعلكم تذكرون) * معناه أن المقصود من هذا الوعظ أن يقدموا على تحصيل ذلك التذكر، فإذا لم يكن التذكر فعلا له فكيف طلب منه تحصيله، وهذا هو الذي يحتج به أصحابنا على أن قوله تعالى: * (لعلكم تذكرون) * لا يدل على أنه تعالى يريد منه ذلك، والله أعلم.
قوله تعالى * (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم لله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون * ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هى أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون) * اعلم أنه تعالى لما جمع كل المأمورات والمنهيات في الآية الأولى على سبيل الإجمال، ذكر في هذه الآية بعض تلك الأقسام، فبدأ تعالى بالأمر بالوفاء بالعهد وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: ذكروا في تفسير قوله: * (بعهد الله) * وجوها: الأول: قال صاحب " الكشاف ": عهد الله هي البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام لقوله: * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) * (الفتح: 10) أي ولا تنقضوا أيمان البيعة بعد توكيدها، أي بعد توثيقها باسم الله. الثاني: أن المراد منه كل عهد يلتزمه الإنسان باختياره قال ابن عباس: والوعد من العهد، وقال