ويبيحون لأنفسهم محرمات حرمها الله عليهم وهي الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح على النصب يعني لم يحكمون بتلك الأحكام الباطلة، وبإنعام الله في تحليل الطيبات، وتحريم الخبيثات يجحدون ويكفرون والله أعلم.
قوله تعالى * (ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والارض شيئا ولا يستطيعون * فلا تضربوا الله الامثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون) * اعلم أنه تعالى لما شرح أنواعا كثيرة في دلائل التوحيد، وتلك الأنواع كما أنها دلائل على صحة التوحيد، فكذلك بدأ بذكر أقسام النعم الجليلة الشريفة، ثم أتبعها في هذه الآية بالرد على عبدة الأصنام فقال: * (ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون) * أما الرزق الذي يأتي من جانب السماء فيعني به الغيث الذي يأتي من جهة السماء، وأما الذي يأتي من جانب الأرض فهو النبات والثمار التي تخرج منها وقوله: * (من السماوات والأرض) * من صفة النكرة التي هي قوله: * (رزقا) * كأنه قيل: لا يملك لهم رزقا من الغيث والنبات وقوله, * (شيئا) * قال الأخفش: جعل قوله: * (شيئا) * بدلا من قوله: * (رزقا) * والمعنى: لا يملكون رزقا لا قليلا ولا كثيرا، ثم قال: * (ولا يستطيعون) * والفائدة في هذه اللفظة أن من لا يملك شيئا قد يكون موصوفا باستطاعته أن يتملكه بطريق من الطرق، فبين تعالى أن هذه الأصنام لا تملك وليس لها أيضا استطاعة تحصيل الملك.
فإن قيل: إنه تعالى قال: * (ويعبدون من دون الله ما لا يملك) * فعبر عن الأصنام بصيغة " ما " وهي لغير أولي العلم، ثم قال: * (ولا يستطيعون) * والجمع بالواو والنون مختص بأولى العلم فكيف الجمع بين الأمرين؟.
والجواب: أنه عبر عنها بلفظ " ما " اعتبارا لما هو الحقيقة في نفس الأمر وذكر الجمع بالواو والنون اعتبارا لما يعتقدون فيها أنها آلهة.
ثم قال تعالى: * (فلا تضربوا لله الأمثال) * وفيه وجوه: الأول: قال المفسرون: يعني لا تشبهوه