قوله تعالى * (ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم * ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون * ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون * من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حيوة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) * اعلم أنه تعالى لما حذر في الآية الأولى عن نقض العهود والإيمان على الإطلاق، حذر في هذه الآية فقال: * (ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم) * وليس المراد منه التحذير عن نقض مطلق الإيمان، وإلا لزم التكرير الخالي عن الفائدة في موضع واحد، بل المراد نهي أولئك الأقوام المخاطبين بهذا الخطاب عن نقض أيمان مخصوصة أقدموا عليها، فلهذا المعنى قال المفسرون: المراد من هذه الآية نهي الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقض عهده، لأن هذا الوعيد هو قوله: * (فتزل قدم بعد ثبوتها) * لا يليق بنقض عهده قبله، وإنما يليق بنقض عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإيمان به وشرائعه. وقوله: * (فتزل قدم بعد ثبوتها) * مثل يذكر لكل من وقع في بلاء بعد عافية، فإن من نقض عهد الإسلام فقد سقط عن الدرجات العالية ووقع في مثل هذه الضلالة، ويدل على هذا قوله تعالى: * (وتذوقوا السوء) * أي العذاب: * (بما صددتم) * أي بصدكم: * (عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم) * أي ذلك السوء الذي تذوقونه سوء عظيم وعقاب شديد،
(١١٠)