رجل مخبث إذا كان أصحابه خبثاء، ورجل مضعف إذا كانت ذراريه ضعافا، فكذا قوله: والنهار مبصرا، أي أهله بصراء.
واعلم أنه تعالى ذكر في آيات كثيرة منافع الليل والنهار، قال: * (وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا) * (النبأ: 10 و 11) وقال أيضا: * (جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله) * (القصص: 73).
ثم قال تعالى: * (ولتبتغوا فضلا من ربكم) * أي لتبصروا كيف تتصرفون في أعمالكم * (ولتعلموا عدد السنين والحساب) *.
واعلم أن الحساب مبني على أربع مراتب: الساعات والأيام والشهور والسنون، فالعدد للسنين، والحساب لما دون السنين، وهي الشهور والأيام والساعات، وبعد هذه المراتب الأربع لا يحصل إلا التكرار كما أنهم رتبوا العدد على أربع مراتب: الآحاد والعشرات والمئات والألوف، وليس بعدها إلا التكرار والله أعلم.
ثم قال: * (وكل شيء فصلناه تفصيلا) * والمعنى: أنه تعالى لما ذكر أحوال آيتي الليل والنهار وهما من وجه دليلان قاطعان على التوحيد، ومن وجه آخر نعمتان عظيمتان من الله تعالى على أهل الدنيا، فلما شرح الله تعالى حالهما وفصل ما فيهما من وجوه الدلالة على الخالق ومن وجوه النعم العظيمة على الخلق، كان ذلك تفصيلا نافعا وبيانا كاملا، فلا جرم قال: * (وكل شيء فصلناه تفصيلا) * أي كل شيء بكم إليه حاجة في مصالح دينكم ودنياكم، فقد فصلناه وشرحناه، وهو كقوله تعالى: * (ما فرطنا في الكتاب من شيء) * (الأنعام: 38) وقوله: * (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) * (النحل: 89) وقوله: * (تدمر كل شيء بأمر ربها) * (الأحقاف: 25) وإنما ذكر المصدر وهو قوله: * (تفصيلا) * لأجل تأكيد الكلام وتقريره، كأنه قال: وفصلناه حقا وفصلناه على الوجه الذي لا مزيد عليه والله أعلم.
* (وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) * اعلم أن في الآية مسائل:
المسألة الأولى: في كيفية النظم وجوه: