مضطرب، والرجوع إلى نص القرآن متعين. والله أعلم.
المنفعة الثانية: من منافع البحر قوله تعالى: * (وتستخرجوا منه حلية تلبسونها) * والمراد بالحلية اللؤلؤ والمرجان كما قال تعالى: * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) * (الرحمن: 22) والمراد: بلبسهم لبس نسائهم لأنهن من جملتهم، ولأن إقدامهن على التزين بها إنما يكون من أجلهم فكأنها زينتهم ولباسهم، ورأيت بعض أصحابنا تمسكوا في مسألة أنه لا يجب الزكاة في الحلي المباح بحديث عروة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا زكاة في الحلي " فقلت هذا الحديث ضعيف الرواية وبتقدير الصحة فيمكن أن يقال فيه لفظ الحلي لفظ مفرد محلى بالألف واللام، وقد بينا في أصول الفقه أن هذا اللفظ يجب حمله على المعهود السابق، والحلي الذي هو المعهود السابق هو الذي ذكره الله تعالى في كتابه في هذه الآية وهو قوله: * (وتستخرجون منه حلية تلبسونها) * فصار بتقدير صحة ذلك الخبر لا زكاة في اللألئ، وحينئذ يسقط الاستدلال به. والله أعلم.
المنفعة الثالثة: قوله تعالى: * (وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله) * قال أهل اللغة: مخر السفينة شقها الماء بصدرها، وعن الفراء: أنه صوت جري الفلك بالرياح.
إذا عرفت هذا فقول ابن عباس: * (مواخر) * أي جواري، إنما حسن التفسير به، لأنها لا تشق الماء إلا إذا كانت جارية. وقوله تعالى: * (ولتبتغوا من فضله) * يعني لتركبوه للتجارة فتطلبوا الربح من فضل الله وإذا وجدتم فضل الله تعالى وإحسانه فلعلكم تقدمون على شكره. والله أعلم.
قوله تعالى * (وألقى فى الارض رواسى أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون * وعلامات وبالنجم هم يهتدون) * اعلم أن المقصود من هذه الآية ذكر بعض النعم التي خلقها الله تعالى في الأرض.
فالنعمة الأولى: قوله: * (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: قوله: * (أن تميد بكم) * يعني لئلا تميد بكم على قول الكوفيين وكراهة أن تميد بكم على قول البصريين، وذكرنا هذا عند قوله تعالى: * (يبين الله لكم أن تضلوا) * (النساء: 176) والميد الحركة والاضطراب يمينا وشمالا يقال: ماد يميد ميدا.