(والجواب الثاني) أن المراد من قوله: ما ترك على ظهرها من دابة. أي ما ترك على ظهرها من كافر، فالمراد بالدابة الكافر، والدليل عليه قوله تعالى (أولئك كالانعام بل هو أضل) والله أعلم.
(المسألة الخامسة) الكناية في قوله (عليها) عائدة إلى الأرض، ولم يسبق لها ذكر، إلا أن ذكر الدابة يدل على الأرض، فان الدابة إنما تدب عليها. وكثيرا ما يكنى عن الأرض، وإن لم يتقدم ذكرها لانهم يقولون ما عليها مثل فلان وما عليها أكرم من فلان، يعنون على الأرض.
ثم قال تعالى (ولكن يؤخرهم إلي أجل مسمى) ليتوالدوا، وفى تفسير هذا الاجل قولان:
(القول الأول) وهو قول عطاء: عن ابن عباس أنه يريد أجل القيامة:
(والقول الثاني) أن المراد منتهى العمر. وجه القول الأول: أن معظم العذاب يوافيهم يوم القيامة، ووجه القول الثاني: أن المشركين يؤاخذون بالعقوبة إذا نقضت أعمارهم وخرجوا من الدنيا.
(النوع الثالث) من الأقاويل الفاسدة التي كان يذكرها الكفار وحكاها الله تعالى عنهم، قوله (ويجعلون لله ما يكرهون) واعلم أن المراد من قوله (ويجعلون) أي النبات التي يكرهونها لأنفسهم، ومعنى قوله (يجعلون) يصفون الله بذلك ويحكمون به لو كقوله جعلت زيدا على الناس أي حكمت بهذا الحكم وذكرنا معنى الجعل عند قوله (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة) ثم قال تعالى (وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى) قال الفراء والزجاج: موضع أن نصب لان قوله (أن لهم الحسنى) بدل من الكذب، وتقدير الكلام وتصف ألسنتهم أن لهم الحسنى.
وفى تفسير (الحسنى) ههنا قولان: الأول: المراد منهم البنون، يعنى أنهم قالوا لله البنات ولنا البنون.
والثاني: أنهم مع قولهم باثبات البنات لله تعالى، يصفون أنفسهم بأنهم فازوا برضوان الله تعالى بسبب هذا القول، وأنهم على الدين الحق والمذهب الحسن. الثالث: أنهم حكموا لأنفسهم بالجنة والثواب من الله تعالى.
فان قيل: كيف يحكمون بذلك وهم كانوا منكرين للقيامة؟
قلنا: كلهم ما كانوا منكرين للقيامة، فقد قيل: إنه كان في العرب جمع يقرون بالبعث والقيامة، ولذلك فإنهم كانوا يربطون البعير النفيس على قبر الميت ويتركونه إلى أن يموت ويقولون إن ذلك الميت إذا حشر فإنه يحشر معه مركوبه، وأيضا فتبقدير أنهم كانوا منكرين للقيامة فلعلهم قالوا: إن كان محمد صادقا في قوله بالبعث والنشور فإنه يحصل لنا الجنة والثواب بسبب هذا