الوجه الرابع: في دلالة الآية على هذا المعنى قوله: * (يخافون ربهم من فوقهم) * وقد بينا بالدليل أن هذه الفوقية عبارة عن الفوقية بالرتبة والشرف والقدرة والقوة، فظاهر الآية يدل على أنه لا شيء فوقهم في الشرف والرتبة إلا الله تعالى، وذلك يدل على كونهم أفضل المخلوقات والله أعلم.
قوله تعالى * (وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون * وله ما فى السماوات والارض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون * وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجارون * ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون * ليكفروا بمآ ءاتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون) * اعلم أنه تعالى لما بين في الآية الأولى أن كل ما سوى الله سواء كان من عالم الأرواح أو من عالم الأجسام، فهو منقاد خاضع لجلال الله تعالى وكبريائه، أتبعه في هذه الآية بالنهي عن الشرك وبالأمر بأن كل ما سواه فهو ملكه وملكه وأنه غني عن الكل فقال: * (لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد) * وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: لقائل أن يقول: إن الإلهين لا بد وأن يكونا اثنين، فما الفائدة في قوله: * (إلهين اثنين) *.
وجوابه من وجوه: أحدها: قال صاحب " النظم ": فيه تقديم وتأخير، والتقدير: لا تتخذوا اثنين إلهين. وثانيها: وهو الأقرب عندي أن الشيء إذا كان مستنكرا مستقبحا، فمن أراد المبالغة في التنفير عنه عبر عنه بعبارات كثيرة ليصير توالي تلك العبارات سببا لوقوف العقل على ما فيه من القبح.