وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم (76) فروى عن ابن عباس وغيره التشدد في ذلك حتى قال: لا يملك الطلاق أيضا. وأكثر الفقهاء قالوا يملك الطلاق إنما لا يملك المال ولا ماله تعلق بالمال. واختلفوا في أن المالك إذا ملكه شيئا فهل يملكه أم لا؟ وظاهر الآية ينفيه، بقى في الآية سؤالات:
(السؤال الأول) لم قال (مملو كان لا يقدر على شئ) وكل عبد فهو مملوك وغير قادر على التصرف؟
قلنا: أما ذكر المملوك فليحصل الامتياز بينه وبين الحر. لان الحر قد يقال: إنه عبد الله، وأما قوله (لا يقدر على شئ) قد يحصل الامتياز بينه وبين المكاتب وبين العبد المأذون، لأنهما لا يقدر ان على التصرف (السؤال الثاني) (من) في قوله (ومن رزقناه) ما هي؟
قلنا: الظاهر إنها موصوفة كأنه قيل: وحرا رزقناه ليطابق عبدا، ولا يمتنع أن تكون موصولة.
(السؤال الثالث) لم قال (يستون) على الجميع؟
قلنا: معناه على يستوي الأحرار والعبيد، ثم قال (الحمد لله) وفيه وجوه: الأول: قال ابن عباس: الحمد لله على ما فعل بأولياء وأنعم بالتوحيد، والثاني: المعنى أن كل الحمد لله، وليس شئ من الحمد للأصنام، لأنها لا نعمة لها على أحد. وقوله (بل أكثرهم لا يعلمون) يعنى أنهم لا يعلمون أن كل الحمد لله وليس شئ منه الأصنام. الثالث: قال القاضي في التفسير: قال للرسول عليه الصلاة والسلام (قل الحمد لله) ويحتمل أن يكون خطابا لمن رزقه الله رزقا حسنا أن يقول:
الحمد لله على أن ميزه في هذه القدرة عن ذلك العبد الضعيف. الرابع: يحتمل أن يكون المراد أنه تعالى لما ذكر هذا المثل، وكان هذا مثلا مطابقا للغرض كاشفا عن المقصود قال بعده (الحمد لله) يعنى الحمد لله على قوة هذه الحجة وظهور هذه البينة. ثم قال (بل أكثرهم لا يعلمون) يعنى أنها مع غاية ظهورها ونهاية وضوحها لا يعلمها ولا يفهمها هؤلاء الظلال.
قوله تعالى (وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه أينما بوجه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم)